top of page
  • tvawna1

هل تظفر روسيا أخيرا بقاعدة على البحر الأحمر؟

Updated: 6 days ago

عبد القادر محمد علي

16/4/2024


لطالما راود حلم الوصول إلى "المياه الدافئة" سادة الكرملين على تقلبات النظم السياسية التي حكمت روسيا، وفي عهد الرئيس فلاديمير بوتين تعمل موسكو لإعادة الإمساك، لأول مرة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، بهذا الطموح العابر للقرون.

وفي هذا السياق، أعلن السفير الروسي في إريتريا إيغور موزغو، أواخر مارس/آذار 2023، عقد مناورات بحرية تشارك فيها الفرقاطة الروسية "المارشال شابوشنيكوف" مع البحرية الإريترية، معيدا إلى الأضواء جهود بلاده المتواصلة خلال السنوات الماضية للحصول على موطئ قدم على شاطئ البحر الأحمر.


رحلة البحث عن قاعدة عسكرية

لا يمكن عزل التوجه الروسي عن الأهمية الفائقة التي اكتسبها الشريان المائي الضيق، ويلخصها تقرير أعدته لجنة من الكونغرس الأميركي بيّن أن القيمة الإستراتيجية لموقع النفوذ والتأثير اللذين يتراكمان لأي جهات خارجية قادرة على السيطرة على البحر الأحمر أو إدارته ستتصاعد في ضوء التطورات الجيواقتصادية الأوسع نطاقا، وفي ظل حقيقة أن "النفوذ التجاري، وكذلك السياسي والأمني، يتم التنازع عليه داخل المناطق التي يربطها البحر الأحمر، أي المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط".

كما تذهب بعض الدراسات إلى أن رغبة موسكو في الحصول على موطئ قدم على شاطئ البحر الأحمر تمثل مظهرا من مظاهر رؤية روسيا لنفسها كقوة دولية، حيث مثّل ضمُّها لشبه جزيرة القرم عام 2014 منعطفا في الانتقال خطوة إلى الأمام بسياستها الخارجية نحو إثبات حضورها كأحد اللاعبين الأساسيين على الساحة الدولية، تلا ذلك بعام تدخلها العسكري في سوريا الذي غيَّر مسار الحرب في البلاد، وأبرز قوة روسيا في الشرق الأوسط.

من جانب آخر، تتزايد حساسية هذا البحر بالنسبة لموسكو مع توجهها للانفتاح الكبير على الأسواق الآسيوية لتجاوز آثار العقوبات التي فرضتها المنظومة الغربية عليها بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، حيث يعد البحر الأحمر معبرا حيويا لصادراتها من الطاقة إذ شكل النفط الروسي 74% من حركة هذه المادة الحيوية المتجهة جنوبا عبر قناة السويس في النصف الأول من عام 2023 ارتفاعا من 30% عام 2021.



ومع تحول البحر الأحمر إلى ساحة للتنافس الدولي تموقعت في جنوبه الأفريقي قواعد لقوى مختلفة كالولايات المتحدة وفرنسا والصين واليابان، وهكذا دخلت روسيا هذا السباق متأخرة، حيث توجهت موسكو إلى صنعاء أولا، مع تصريح رئيس الاتحاد الروسي سيرغي ميرونوف أكتوبر/تشرين الأول 2008 أنه لا يستبعد ظهور قاعدة روسية في اليمن، مؤكدا المرحلية في تحقيق هذا الهدف.

غير أن الأحداث كانت أسرع من الصبر الروسي حيث اندلعت ثورة فبراير/شباط بعد قرابة عامين، وعصفت تداعياتها باليمن وبالحلم الروسي معه، فكانت جيبوتي المحطة التالية للقطار الروسي مع شروع الطرفين في محادثات لتمهيد الطريق لاستضافة البلد ذي الموقع الجيوسياسي الحساس لقاعدة موسكو العسكرية المنشودة على شاطئ البحر الأحمر في عامي 2012-2013.

ووفقا لصحيفة كوميرسانت الروسية، فإن مخططات موسكو تضمنت الوصول إلى الشاطئ وبناء رصيف بحري تابع للقاعدة، غير أن الغضب الأميركي من الاجتياح الروسي لأوكرانيا عام 2014 دفع الولايات المتحدة إلى تشديد الضغوط على جيبوتي للحيلولة دون إتمام هذه الصفقة، وهو ما أدى بالفعل إلى تقويضها في النهاية. المغامرة الروسية في السودان رغم ورود تقارير عن عرض، فلم يُكتب له النجاح، من جانب إقليم أرض الصومال الانفصالي لاستضافة قاعدة عسكرية روسية مقابل اعتراف الأخيرة به عام 2017، فإن مغامرة موسكو في السودان قاربت النجاح، حيث فاجأ الرئيس السوداني السابق عمر البشير مضيفه الروسي فلاديمير بوتين بعرضه مقترحا لاستضافة بلاده مركز دعم لوجستي روسيا على الشاطئ السوداني، في قمة جمعتهما بمنتجع سوتشي الروسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

علل البشير -حينها- هذا المقترح برغبته في حماية السودان من التصرفات "العدائية" الأميركية، وهو ما حوّل بلاده بالفعل إلى بؤرة تنافس حاد اشتعلت بعد رحيله، مع إصدار بوتين قرار الشروع في بناء مركز لوجستي روسي في ولاية البحر الأحمر السودانية، في ديسمبر/كانون الأول 2020، إثر إعلان توقيع اتفاقية مع الجانب السوداني.

وتذهب بعض الدراسات إلى أن الرغبة في إنشاء هذا المركز تأتي في سياق انتشار موسكو البحري وإنشاء سلسلة من نقاط الدعم لقواتها البحرية، بدءا من ميناء سيفاستوبول على البحر الأسود، مرورا بالقاعدة البحرية في طرطوس، وانتهاء بالمركز المخطط له في بورتسودان.

كما أن هذه القاعدة كانت ستوفر لروسيا مدخلا إلى المحيط الهندي الذي تزداد أهميته الإستراتيجية، وقد صنفته العقيدة البحرية الروسية عام 2015 بأنه منطقة تتمتع بالأولوية، بجانب تشكيلها منصة لجمع المعلومات الاستخباراتية لمراقبة أنشطة القوى المنافسة لموسكو في حوض البحر الأحمر والقرن الأفريقي وشبه الجزيرة العربية، كالقوات الأميركية أو الصينية أو الفرنسية.

هجمة أميركية مرتدة

هذه الحساسية التي تمثلها الخطوة الروسية لم تغب عن صانعي القرار في واشنطن، حيث كان لهذه القاعدة أن ترسخ الوجود الروسي في السودان بشقيه الاقتصادي والعسكري، والذي سيمثل مدخلا آخر لموسكو إلى القارة السمراء، وكذلك فإنه سيدعم السردية الروسية حول كونها شريكا أمنيا موثوقا بالنظر إلى تجاربها في منطقة الساحل على سبيل المثال. المصدر >>>>


22 views0 comments
bottom of page