top of page

نعي أليم وداعا أبو خالد مربي الأجيال المناضل الجسور الوطني الغيور القائد البطل الباسل ابو خالد محمد عمر يحيى

  • tvawna1
  • 3 days ago
  • 3 min read

Updated: 9 hours ago


(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (185)

(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) سورة الفجر.

ببالغ الحزن والأسى العميقين تلقيت النبأ الجلل بوفاة رفيق الدرب الصديق الصدوق الأستاذ الجليل والمناضل القامة الشامخ أبو خالد محمد عمر يحيى الذي عرفته منذ نهاية الخمسينات من القرن الماضي وتحديداً عام ١٩٥٧م، مع نشأة أول تنظيم سري في ارتريا في مدينة كرن، حيث كانت الفكرة من الشيخ المناضل القائد المغوار آدم محمد علي أكتي أطال ألله في عمره، والذي كان يملك بقالة صغيرة في شارع الصياغين بوسط المدينة، وكنت حينها أنا والمغفور له بإذن الله سليمان موسي حاج وعلي محمد صالح شوم علي نجتمع في بقاله آدم محمد علي أكتي، في أوقات الفراغ. شهدت هذه البقالة الصغيرة ميلاد التنظيم السري، حيث تم طرح الفكرة، والتي وافق عليها كل مرتادي البقالة من الشباب الواعد، وعلى رأسهم الشهيد الباسل محمد عمر يحيى والمغفور لهم بإذن الله محمد عمر عنططا وعمر صالح عمر، وكانا يدرسنا في المدرسة الثانوية بكرن، وغيرهم كثيرون، وكنا نجتمع كذلك في معهد الجامع العتيق وأحيانا في منزل أحد افراد المجموعة بعيداً عن أنظار الجواسيس. وأذكر أننا وفي أحد الأيام كنا مجتمعين في منزل المغفور له بإذن الله محمد نور احمد حبونا في حلة عد حباب، وكان اليوم التالي العيد الوطني للأثيوبيين، وكانوا في أعيادهم يرفعون العلم الخاص بأثيوبيا في قله كرن الشهيرة، عندها قال المغفور له بإذن الله الأستاذ الجليل الفارس الشجاع محمد عمر يحيى (غدا في الساعة الرابعة صباحا سأقوم بإنزال العلم الإثيوبي وأرفع مكانه العلم الإرتري، فقلنا له نخشى أن نخسرك أنت أو يعتقلوك وكلنا نكون في خطر في هذه المحاولة، كان جريئا ووطنيا غيوراً. انتهى الاجتماع حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وعاد كل واحد منا إلى منزله وكان الأخ ياسين محمد نور يسكن في حي الشرطة، وتم اعتقاله وهو عائد إلى منزله، بعد سماعنا الخبر في الصباح ذهب ادم محمد علي اكتي إلى مكتب الشرطة للاستفسار عن سبب اعتقال ياسين فقالوا له أنت أيضا مطلوب واعتقلوه، وكان وقتها في جيبه ورقة مكتوب فيها أسمائنا فمزقها وابتلعها. بعد انتشار خبر الاعتقال قام شباب كرن بإغلاق المدينة وجمعوا الشعب في جيرا فيوري للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين. قامت الشرطة أيضا باعتقال عدد كبير من الناس وأغلبهم لم يكن مشاركا في المظاهرات، وليست لهم علاقة بالتنظيم السري، وقد تم الإفراج عنهم بعد ستة شهور وعادوا إلى أعمالهم، وهذا يدل على أن الحكومة الإثيوبيةكانت عادلة.

ارسلت الحكومة القائد العام لشرطة ارتريا الجنرال زرآي ماريام ازازى وأمروا المتظاهرين بالتوجه إلي رئاسة الشرطة للتفاهم مع الحكومة، وبالفعل ذهبنا جميعا إلى مكتب الشرطة، وجاء مع الجنرال مدير مديرية كرن القنزمش امباي هبتي وبدأ الكلام رئيس الشرطة قائلا سنفرج عن المعتقلين وطلب من الجميع العودة إلى أماكن عملهم ، وقبل أن يكمل حديثه، قام أحد المتظاهرين برمي حجر خلع قبعة مدير مديرية كرن، عندها أمر الجنرال الشرطة بإطلاق النار، ومع إطلاق الرصاص هرب الناس، ومع الهلع والتدافع ترك بعضهم أحذيتهم وعممهم وكان ذلك أول مرة نسمع ونشهد فيها إطلاق الرصاص عن قرب، وكان المغفور من آهم قيادات المظاهرات وكان محبوباً من كل من يعرفه، ودوداً هيناً ليناً، لا يعرف التعصب، فقد حباه الله العلي العظيم مكارم الاخلاق، كان شخصية مؤثرة، يمتاز باللطف والذكاء والهدوء والتواضع والنبل والوفاء والبساطة والكرم، هاشاً باشاً لا تفارق الابتسامة محياه الصبوح، كان – رحمه الله – طيباً خدوماً ومخلصاً يحب فعل الخير، يحترمه ويحبه ويثق به كل من يعرفه، مقتدر ومتفاني ونشط لذا كان يتم تكليفه بالمهام الهامة والصعبة، كان سياسياً محنكا وحكيماً، ذو شخصية قوية، الأمر الذي جعله ناجحاً وموفقاً، نسأل الله أن يجعل كل ما قدمه لوطنه وشعبه في ميران حسناته.

إلى جنات الخلد أبو خالد، الإنسان المثالي، فقد كنت هرماً شامخاً، وفقدك خسارة لا تعوض، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله ورسوله (إنا لله وإنا إليه راجعون) وإنا لفراقك يا أبا خالد لمحزونون. للهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء الثلج البرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، واجعل قبره روضة من رياض الجنة واجمعنا به في جنات النعيم. اللهم جازه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا ولقه برحمتك ورضاك وتغمده برحمتك آناء الليل والنهار يا أرحم الراحمين. اللهم انقله من ضيق اللحود والقبور إلى سعة الدور والقصور في سدرٍ مخضودٍ وطلعٍ منضوضٍ وماءٍ مسكوبٍ وفاكهةٍ كثيرةٍ لا مقطوعةٍ ولا ممنوعة، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، واجعلنا وإياهم من الذين تباهي بهم ملائكتك في الموقف العظيم وارزقنا حسن النظر إلى وجهك الكريم، مع الذين تجرى من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وبحمدك وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم ان الحمدلله رب العالمين وألهم آله وذويه وأبنائه وبنته وأرحامه ومحبيه ورفاق دربه الصبر وحسن العزاء (إنا لله وانا لله وانا اليه راجعون).

 بقلم الاستاذ / عيسى سيد محمد

 
 
 

Comments


bottom of page