top of page

ما مدى تحذير آبي أحمد لإريتريا من مصير أوكرانيا؟

  • tvawna1
  • 4 days ago
  • 6 min read

مراقبون يؤكدون أن احتمال الحرب قائم ولكنه ليس مرجحاً بسبب الوضع

ree

الداخلي المتفجر وآخرون يحذرون من "معارك بالوكالة"

محمود أبو بكر كاتب صحفي، مختص في قضايا البحر الأحمر ودول حوض النيل 

الأحد 2 نوفمبر 2025

ree

قال آبي أحمد إن "مطلب الوصول إلى البحر الأحمر يعد قضية قانونية وتاريخية وجغرافية واقتصادية" (أ ف ب) ملخص

طالب رئيس الوزراء الإثيوبي ممثلي الشعب بالخروج من السرديات القانونية الراسخة حول استقلال إريتريا وطرح سرديات جديدة تمنح بعداً قانونياً لمطالب إثيوبيا المتعلقة بالوصول إلى البحر الأحمر. وكشف أن حكومته قد تواصلت مراراً مع حكومات كل من الولايات المتحدة، وروسيا، والصين الشعبية، ودول عدة في أوروبا وأفريقيا، من أجل التوسط بين بلاده والحكومة الإريترية، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل لامتناع أسمرة عن الدخول في أية مفاوضات حول موانئها السيادية. أثارت التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد حول إريتريا، موجة من الجدل في الوسطين الإريتري والإثيوبي، بخاصة أنها تضمنت تصعيداً غير مسبوق في علاقات البلدين منذ عام 2018، إذ حذر آبي أحمد جارته إريتريا من مغبة الدخول في حرب مع بلاده، مشدداً على ضرورة الاتعاظ من أوكرانيا، في إشارة إلى الحرب الروسية - الأوكرانية، وأضاف في رده على أسئلة النواب "نحن نرغب في السلام، ومستعدون للذهاب إلى إريتريا حال رغبت في السلام والتعاون، إلا أن اختيار المسار المستقبلي للعلاقات بين البلدين يظل مرتبطاً برغبتهم، إما السلام والتعاون أو العواقب الوخيمة". 

وتابع آبي أحمد أن "مطلب الوصول إلى البحر الأحمر وضمان منفذ بحري لإثيوبيا يعد قضية قانونية وتاريخية وجغرافية واقتصادية، ويجب التعامل معها بروية وهدوء"، مؤكداً أن بلاده لا يمكنها أن تعيش في عزلة عن استراتجيات البحر الأحمر، وأن قرار حرمانها من الوصول للبحر عام 1993 كان جائراً ولم تتخذه المؤسسات الإثيوبية الشرعية في ظل غياب برلمان منتخب آنذاك، كما لم يستفت الأثيوبيون حول ذلك، مما يكشف عن خلل قانوني في اتخاذ هكذا قرارات مصيرية.

وطالب رئيس الوزراء الإثيوبي ممثلي الشعب بالخروج من السرديات القانونية الراسخة حول استقلال إريتريا وطرح سرديات جديدة تمنح بعداً قانونياً لمطالب إثيوبيا المتعلقة بالوصول إلى البحر الأحمر. وكشف أن حكومته قد تواصلت مراراً مع حكومات كل من الولايات المتحدة، وروسيا، والصين الشعبية، ودول عدة في أوروبا وأفريقيا، من أجل التوسط بين بلاده والحكومة الإريترية، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل لامتناع أسمرة عن الدخول في أية مفاوضات حول موانئها السيادية.

هروب من الداخل 

يرى مراقبون لشؤون منطقة القرن الأفريقي أنه على رغم أن التصريحات التي أدلى بها آبي أحمد أثناء إجابته على أسئلة النواب تمثل تصعيداً غير مسبوق تجاه إريتريا، فإن عدم تعليق أسمرة بشكل رسمي على ذلك يعد أمراً مستغرباً، بخاصة أن التصريحات تضمنت تشكيكاً واضحاً في سيادة إريتريا واستقلالها، وتهديداً مباشراً بإعادة احتلالها أسوة بالحال الأوكرانية. 

  • إثيوبيا في رسالة إلى غوتيريش: إريتريا تستعد للحرب

  • إثيوبيا وإريتريا على أعتاب صراع جديد بسبب "المنفذ البحري"

  • سلسلة زلازل تضرب إثيوبيا... ما علاقة سد النهضة؟ يقول المتخصص في شؤون القرن الأفريقي سليمان حسين، إنه يمكن قراءة التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي من زوايا مختلفة، أهمها أنها تعبر عن رغبة في تصعيد الخطاب بغرض الهروب من الأوضاع الداخلية المتدهورة، فالوضع الأمني في إثيوبيا يتفاقم يوماً بعد آخر، وتتسع رقعة الحرب في إقليمي الأمهرة وأوروميا اللذين يُعدّان الأكبر من حيث المساحة وكثافة السكان، حيث يشكلان نحو 60 في المئة من سكان إثيوبيا، ويُعتبران كذلك مركزَي الثقل السياسي والاقتصادي في البلاد، ويسهمان بما يزيد عن 61 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وبالنظر إلى أن الإقليمين في حال تمرد مسلح ضد الحكومة المركزية، التي تكاد تفقد السيطرة عليهما، يمكن فهم حجم الإحباط واليأس الذي يعيشه رئيس الوزراء الإثيوبي، الذي يحاول جاهداً تحميل دول الجوار، وخصوصاً إريتريا، مسؤولية أزماته الداخلية.

    ويوضح حسين أن "تصريحات آبي أحمد تتضمن تناقضات واضحة، إذ يشكّك في مشروعية استقلال إريتريا بحجة أن الحكومة الانتقالية الإثيوبية لم تكن مخولة بالموافقة على استقلالها. وهذا إما جهل بالتاريخ أو محاولة متعمدة للتشويش، لأن إريتريا لم تكن جزءاً من إثيوبيا لتنفصل عنها، بل كانت محتلة من قبل إثيوبيا في خرق واضح لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بإقامة اتحاد فيدرالي بين البلدين، والذي تم إلغاؤه عام 1962 بإرادة منفردة من قبل الإمبراطور هيلا سلاسي".

    ويضيف "النقطة الثانية هي أن استقلال إريتريا تحقق بعد حرب تحرير استمرت ثلاثة عقود كاملة، وتوجت باستفتاء شعبي حر تحت إشراف الأمم المتحدة، مما يعني أن الأمر بالأساس لم يكن يحتاج إلى موافقة إثيوبية، إذ تم تنظيم الاستفتاء برعاية دولية وفقاً لمبدأ تصفية الاستعمار وحق تقرير المصير المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة". متابعاً أن اتفاقيتي السلام الموقعتين في كل من أسمرة وجدة عام 2018، يتضمنان إقراراً صريحاً بسيادة إريتريا واستقلالها الكامل، بما في ذلك ميناء "عصب" الذي يدّعي آبي أحمد أن بلاده فقدته بغير وجه حق.

    تفاوض حول ماذا؟ 

    يرى حسين أن "رئيس الوزراء الإثيوبي خلال رده على نواب الشعب ركز على أنه يميل إلى خيار التفاوض ولكن أسمرة ترفض ذلك، لكنه لم يجب على السؤال المركزي وهو التفاوض حول ماذا؟ وهل ثمة دولة في العالم يمكنها التفاوض على سيادتها أو تسليم جزء من أراضيها لدولة أخرى لإنقاذها من الفقر والكثافة السكانية العالية؟ بالطبع لا. ورئيس وزراء أثيوبيا يعلم ذلك، لكنه يتحدث من منطلق عقلية توسعية قديمة، يحاول من خلالها فرض أمر واقع، والإيحاء بأن هناك طرف يريد التفاوض وآخر يرفضه، وهو ما يتناقض مع القرارات التي اتخذها في شأن سد النهضة الإثيوبي، إذ ظل يرفض العودة إلى التفاوض مع دولتي المصب".

    ويوضح المحلل الإريتري أن بلاده لن تتفاوض على سيادتها، لا مع إثيوبيا ولا مع غيرها، ولكنها منفتحة على التعاون الاقتصادي المشروع وفق القوانين الدولية ومبدأ المصالح المشتركة، وقد أكدت ذلك مراراً. متابعاً "إذا كانت إثيوبيا تريد الاستفادة من خدمات الموانئ، فعليها أن تحترم السيادة الإريترية أولاً، ثم تطلب استخدام الميناء كما تفعل أية دولة أخرى".

    ree

    تضمنت تصريحات آبي أحمد تشكيكاً واضحاً في سيادة إريتريا واستقلالها (أ ف ب)​​​​​​​ ويبدي حسين دهشته من المقارنة بين إريتريا وأوكرانيا، مشيراً إلى أنه "قياس مضلل، فأوكرانيا أصبحت ساحة صراع دولي بين الغرب بقيادة حلف الناتو وروسيا، بينما إريتريا دولة مستقلة تدافع عن سيادتها ضد أطماع جارتها. ثم إن المقارنة بين روسيا كقوى عظمى وإثيوبيا غير منطقية، لا من حيث السياق ولا المضمون. لكن المباهاة بالقوة العسكرية، والتهديد بإمكانية تحويل إريتريا إلى أوكرانيا جديدة يكشف عن نزعة عدوانية تتناقض مع واقع قوة الجيش الإثيوبي، الذي يتكبد الهزائم أمام مليشيات فانو في الأمهرة وجبهة تحرير أوروميا".

    وفي رده على سؤال حول دواعي صمت الحكومة الإريترية على التصريحات المتكررة من أديس أبابا، يقول حسين "لا أرى أن إريتريا صامتة ولكنها تعتمد دبلوماسية هادئة وعاقلة تسعى لتحقيق هدفين: عدم الانجرار إلى مهاترات إعلامية، وتفادي التصعيد الذي قد تجرّ إليه أطراف خارجية تسعى لزعزعة استقرار المنطقة". ويرى أن اسمرة تعمل بالتوازي مع ذلك لبناء شراكات إقليمية متينة تردع أية مغامرات عدوانية محتملة، بما يخدم أمن واستقرار القرن الأفريقي.

    وفي شأن احتمال قيام حرب مباشرة بين أسمرة وأديس أبابا، يرى المحلل الإريتري أن احتمال قيام الحرب قائم ولكنه ليس مرجحاً، ليس لغياب الرغبة من الجانب الإثيوبي، بل لأن الوضع الداخلي المتفجر لا يسمح بخوض حرب خارجية طويلة، أما الاتهامات الموجهة إلى إريتريا بدعم المعارضة المسلحة فلا يمكن التحقق من صحتها، في حين أن إثيوبيا نفسها أعلنت دعمها لما تسميه "معارضة إريترية"، مما يكشف عن ازدواجية خطابها السياسي. 

    حروب الوكالة

    من جهته يرى المتخصص في الشأن الإثيوبي بيهون غيداون، أن التصعيد الأخير في خطاب رئيس الوزراء الإثيوبي، الذي تضمن تحذيراً شديد اللهجة لأسمرة، يعود بالأساس إلى عاملين أساسيين، الأول استمرار أسمرة في دعم حركات التمرد المعارضة لأديس أبابا، والثاني تجاهلها كافة المناشدات المتعلقة بإطلاق حوار بناء حول مطالب إثيوبيا بالوصول الآمن إلى البحر الأحمر. 

    ويضيف أن آبي أحمد يشعر بخيبة أمل كبيرة من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، بخاصة أنه ظل يتوقع أن التحالف الذي بناه مع الأخير سيصل في نهاية المطاف إلى درجة عالية من التعاون والاندماج، بما في ذلك حول مينائي "مصوع" و"عصب". 

    ويشير غيداون إلى أن القوى الإقليمية التي دفعت الطرفين ودعمتهما لتوقيع اتفاقيات عام 2018، قد أوحت لآبي أحمد أن بإمكانه استغلال الموانئ الإريترية من دون رسوم مكلفة، لكن تدهور علاقات أسمرة مع أبوظبي، فضلاً عن عدم رضا أسمرة بمآلات حرب تيغراي و"اتفاقية بريتوريا" أفسدا التعهدات بين الحلفاء السابقين. 

    ويعتبر أن حكومة إثيوبيا جادة في مطالبها، وهي تدرك أيضاً أنها لن تتحقق على المدى القريب، لكن إثارتها بشكل متكرر يوفر لها غطاء سياسياً وشعبياً، وقد يسهم في تجاوز أزمة الشرعية، بخاصة بعد حالات الحرب المتكررة في أكثر من إقليم إثيوبي، وتمكّن الحركات المتمردة من تحقيق تقدم ملحوظ بخاصة في إقليم الأمهرة، سيما مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية عام 2026، ومن ثم يرجح المحلل الإثيوبي أن تستمر حملة الوصول إلى البحر بشكل اوسع خلال الأشهر المقبلة. 

    ويستبعد بيهون الدخول في حرب مباشرة بين أسمرة وأديس أبابا، إذ لا تزال الأخيرة بحسب رأيه تفضل الحلول السياسية والدبلوماسية. متابعاً "قد يلجأ النظامان الى حروب الوكالة، إذ تحشد إريتريا قواتها على حدود اقليمي التيغراي والعفر، وتؤهل الحركات الإثيوبية المعارضة لخوض المعارك ضد النظام، فيما تسعى أديس أبابا إلى تسليح مجموعات إريترية معارضة في إقليم العفر الإثيوبي. بالتالي من المحتمل أن تدخل المنطقة في حروب الوكالة، سواء بدعم كل طرف لمعارضي الطرف الآخر، أو من خلال تنفيذ عمليات نوعية من دون إعلان حرب مباشرة". المصدر>>>>>

 
 
 

Comments


bottom of page