بقلم/ أحمد محمد بابكر
01/08/2024
قال الله تعالى (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي)
وقال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
ضجت الصفحات الاسفيرية ومجموعات التواصل الاجتماعي بتناقل خبر وفات أخانا المربي الفاضل الدكتور محمود محمد علي (مجاهد) صباح يوم الإثنين التاسع والعشرون من يوليو إثر علة لم تمهله طويلا في مدينة بورتسودان التي جاءها (زائرا ومودعا) من محل إقامته في ماليزيا
وكم كان وقع الخبر مؤلما وصادما لي والكل أصحابه وأحبابه ولكنها أقدار الله الذي لا يملك الإنسان المؤمن أمامها إلا أن بستسلم لها ويرضى ويسترجع ويتذكر أن الموت طريق سنسلكه جميعا وقد سبقنا إلى رب رحيم كريم
أخي في الله الدكتور محمود :-
لقد رحلت بل وسموت إلى العلياء محملا بهموم أمتك مثقلا بجراحات شعبك
رحل ذلك الجسد النحيل الذي كرس وقته وحياته خدمة لدينه ووطنه وأمته فكان له نصيب وسهم في كل عمل خير من دعوة وطلب علم وتعليم ونصح وتوجيه وارشاد
هكذا انطوت صفحة من الذكريات والجلسات
طويت صفحة من الجِدّ والاجتهاد والعمل الدؤوب الذي لا يعرف صاحبه الملل والكلل
انطوت صفحة من صفحات التاريخ كانت تذكرنا بالكبار أصحاب الهمم العالية الذين يشقون طريقهم نحو أهدافهم بالرغْم بعد المسافات ووعورة الطريق
عزاؤنا فيك يا أبا مصعب أن قد رحل الجسد وبقي الأثر
رحل الجسد وبقيت الروح في عوالم علوية
نعي أليم وحزن عميق
وفور إنتشار خبر وفاته المفاجئ نعاه أصدقاؤه وأساتذته عبر الوسائط المختلفة فكتب الدكتور كمال محمد عبيد مدير جامعة أفريقيا العالمية سابقا / متحدثا عن تلميذه محمود فقال:-
عرفت "محمود مجاهد" منتصف الثمانينات وهو طالب في المركز الاسلامي، قوي الشخصية ، مبادرا نشطا ، قائدا لزملائه .
واصل دراسته في ظروف قاسية ولم يتوقف حتى نال الدكتوراة .
كان شديد الوفاء للمركز ولاساتذته ، كتب عددا من البحوث عن المركز والجامعة .
انتقل الى جوار ربه وفي خاطره تقديم عصارة فكره وتجربته ، لكن أقدار الله كانت اعجل ، واختار له ان يوارى ثرى الأرض التي احبها واحبته .
كما كتب الدكتور البرفسور عبد الرحيم علي مدير معهد الخرطوم الدولي:-
فجعني الخبر وقراته اكثر من مره افر بامالي الي الكذب كما قال الشاعر ولكن الموت حق وكلنا ننتظر اللهم اجعل مثواه الجنه واخلف على الأبناء والأسرة بخير. وابدله دار القرار التي لا تعب فيها ولا نصب.
وتحدث عنه صديقه ورفيق دربه الاستاذ/ محمد علي عمر قائلا:-
فُجعت بوفاة أخي العزيز الغالي الذي لم تلده أمي ، فلم أتمالك حينها كلي عن بعضي للقول عنه بموت فجائي إثر ضيقِ نفسٍ أصابه.
نعم ترجل فارس العلم و القلم ، و الدعوة والجهاد ، اللغوي الضليع الدكتور محمود محمد علي (مجاهد)
الهُمام صاحب الجرأة المتناهية في الحق ، و القول الثابت على المبدأ القويم .
هكذا خُتمت حياة الدكتور أبي مصعب ناصحاً و معلماً و مُرَغِباً في العلم و التعلم ، والإكثار منه للنهل من معينه و التسلح به والإستمرار في مراق الترقي و السؤدد.
بالرغم من ضيق ذات اليد و الحاجة لم يلتفت لجمع حطام الدنيا و التَمرُق بملذاتها و أنه لم يساوم يوماً في العلم و التعلم و المضي فيه مهما كلفه الثمن ، و عقبات الطريق المزروع بالشوك ، و المحفوف بالمخاطر و نكباتها .
نعم ؛ كان الفقيد رجل التحدي و المواقف ، عصامياً جلداً لا يلين له الجانب ولا يحني رأسه عن جبروت الحياة و شدة وطأتها ؛ و إنما كان دائماً مرفوع الجبين و القامة ، عزيز النفس الأبية ، سمحاً كريماً شجاعاً مقداماً ، لا تأخذه في الحق لومة لائم
ثم إنه كان فريداً في كل شيء ولا يكترثُ في القيل و القال وإن قيل فيه ما قيل .
رحمه الله واسكنه فسيح جناته ووسع مدخله في العليين
شذرات من مسيرته العلمية
حصل الدكتور محمود رحمه الله على البكالوريوس في اللغة العربية من كلية الآداب جامعة أم درمان الإسلامية (1991م) وحصل على الماجستير في اللغة العربية للناطقين بغيرها من معهد الخرطوم الدولي للغة العربية (1997م) والدكتورة من جامعة إفريقيا العالمية السودان في الإدارة التربوية بتقدير ممتاز عام(2000م) والدبلوم العالي في الإدارة من جامعة أم درمان الإسلامية (1994م)
صدر له عدد من الكتب القيمة منها على سبيل المثال
1-مستقبل تطوير التعليم العالي باللغة العربية في قارة إفريقيا (دراسة تحليلية لتجربتي المركز الإسلامي الإفريقي وجامعة إفريقيا العالمية في السودان) صدر في يناير2017م
2-إدارة الأزمات في العهد النبوي (نشر بالاشتراك من إصدارات جامعة العلوم الإسلامية الماليزية 2012م
3-دور العلاقات الإنسانية في تفعيل العملية التعليمية نشر دار التجديد ماليزيا 2003م
4-مقومات القائد التربوي الناجح من نشر دار المجتمع بجدة 2002م
5-تنمية مهارات التفكير من خلال المناهج التعليمية دار المجتمع 2002م
6-مهارات التدريس الفعال دار المجتمع 2002م
كما نشر أكثر من عشرة بحوث محكمة في مجلات عربية وإنجليزية وأشرف على 15 رسالة دكتورات في مجالات الإدارة التربوية واللغة العربية وعلم النفس والتخطيط التربوي
عمل الدكتور محمود رحمه الله معلما للغة العربية ومشرفا تربويا على مدة أربع سنوات (1998-2002م) بالمملكة العربية السعودية إدارة تعليم مدينة جدة مؤسسة إقرأ للمنشآت التعليمية
ثم انتقل إلى ماليزيا حيث عمل الدكتور مستشارا تعليميا للإدارة الدينية بولاية بهانج لتطوير اللغة العربية للناطقين بغيرها كما عمل محاضرا في مركز اللغة بكلية اللغة والدين بمجمع السلطان أبوبكر جامعة السلطان أحمد شاه الإسلامية ببهانج ماليزيا
مستشار أكاديمي لدى السفارة السودانية بماليزيا
مصحح لَغَوي للكتب العربية المعدة للنشر لدى إدارة النشر في جامعة العلوم الإسلامية الماليزية
وقد نال عددا من الجوائز منها جائزة أفضل خبير عربي على مستوى جامعة العلوم الإسلامية الماليزية لعام (2006م) حائز على جائزة التميز للخدمة بعيدة المدى 15عاما (2018م) من جامعة العلوم الإسلامية الماليزية
وقد شارك في أكثر من أربعين مؤتمرا على المستوى المحلي والإقليمي والدولي وقدم بحوثا في مجالات اللغة العربية للناطقين بغيرها والإدارة التربوية.
خالص التعازي لأسرته الكريمة وأبنائه وأصدقائه وجميع أحبابه
نسأل الله ان يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته وان يوسع مدخله ويرفع درجته في العليين
وان يبارك في ذريته ويجعلهم خير خلف لخير سلف
ولا يحرمنا اجره ولا يفتنا بعده
وكما جمعنا في هذه الفانية على طاعته ومحبته على غير أنساب بيننا أن يجمعنا في مستقر رحمته عند مليك مقتدر في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر
Comments