top of page
tvawna1

هل يدخل الاتحاد الأفريقي على خط أزمة أمهرا؟

Updated: Aug 25, 2023

خلافات بين الحكومة الإثيوبية وجماعة "فانو" المتمردة تعصف بالإقليم


هاشم علي حامد محمد كاتب وباحث في شؤون القرن الأفريقي الاثنين 21 أغسطس 2023

و ميليشيا "فانو" يقفون في كنيسة القديس جورج في لاليبيلا، 7 ديسمبر 2021 (أ ف ب) أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد عن "القلق البالغ" من استمرار المواجهات العسكرية، التي يشهدها إقليم أمهرا في شمال إثيوبيا.


وفي بيان الأربعاء 16 أغسطس (أب) الجاري دعا إلى "وقف فوري لإطلاق النار". هذا التعليق يعد التصريح الرسمي الأول الذي يصدر من رئيس مفوضية الاتحاد، وسط الأحداث التي يشهدها إقليم أمهرا.

تلك الأحداث تأتي كرد فعل للخلاف المتجذر بين الحكومة الإثيوبية وجماعة "فانو" الأمهرية المتمردة، التي رفضت تسليم أسلحتها للحكومة ضمن السياسات التي وضعتها الأخيرة وشملت كل الأقاليم. المشكلة تفجرت عقب إبرام اتفاقية "بريتوريا" بين الحكومة الإثيوبية والحركة الشعبية لتحرير تيغراي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وتضمنت في أهم بنودها نزع أسلحة جبهة تحرير تيغراي.

خلفيات وتبعات

يعد أمهرا من أهم الأقاليم الإثيوبية الرئيسة الثلاثة إلى جانب أرومو ذي الغالبية السكانية وتيغراي الواقع شمال البلاد. ويمثل الأمهريون القومية الثانية تعداداً وكأهم قومية بخلفيات الثقافة والسياسة، حيث امتد تأثيرها إلى ما يزيد على المئة عام في العهد الحديث، إبان حكم كل من الإمبراطور منليك والإمبراطور هيلاسلاسي، كما تشكل ثقافتهم الثقافة الغالبة في إثيوبيا.

ونتيجة لما شكلته جبهة تحرير تيغراي خلال الأعوام الماضية من خطر، نشأت وحدات عسكرية شعبية في الأقاليم المتأثرة لمساعدة الحكومة في الحفاظ على الأمن وصد الأخطار المحيطة بها، ويمثل إقليما أمهرا وتيغراي جواراً جغرافياً وخلافات حدودية إلى جانب التنافس السياسي والحضاري بين القوميتين.

وقد تأثر الإقليم بالهجمات التي قامت بها جبهة تحرير تيغراي لمناطق شمال إثيوبيا إبان حربها ضد الحكومة خلال الأعوام القليلة الماضية، وتكونت جماعة "فانو" الأمهرية كميليشيات إقليمية ضمن قوات الإقليم الخاصة لمساعدة القوات الحكومية.

واستطاعت جماعة "فانو" بدعم حكومي وإقليمي تحقيق انتصارات حماية لإقليمها، خصوصاً في المناطق المتنافس حولها بينها وبين قومية تيغراي كمنطقة ولقايت ومدينة حمرة.

جنود من قوة الدفاع الوطني الإثيوبية يسيرون على طول طريق في غاشينا (أ ف ب) الحكومة الإثيوبية عقب توقيع اتفاق بريتوريا وضمن توجهات السلام الذي يتبناه رئيس الوزراء آبي أحمد أصدرت قراراتها بتفكيك وإدماج ونزع سلاح كل ميليشيات الأقاليم التي ترى أنها أدت دورها في مرحلة انتهت، والعمل على وضع أسس للسلام الشامل الذي تنادي به خلال المرحلة المقبلة.

يرجع رفض جماعة "فانو" المتمردة، التي تتألف من نشطاء سياسيين وبعض شباب أمهرا إلى جانب ما يعرف بـ"الشفتة" (عصابات حدودية)، الامتثال لتفكيكها وتجريدها من الأسلحة إلى عوامل عدة ذات تأثر إقليمي.

ويلخص التبرير السياسي في الرفض لكونها لم تمثل طرفاً في الاتفاق الذي تم بين الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، الذي كانت أهم بنوده تسليم تيغراي لأسلحتها، وتعمل الحكومة على تعميمه على الأقاليم الأخرى، كما ترى الجماعة أن إقليم أمهرا لا يزال يواجه تهديداً من تيغراي ضمن الخلافات الحدودية بين الإقليمين.

وخلال المواجهات التي تطورت مع الحكومة خلال الأيام الماضية استطاعت جماعة "فانو" احتلال عدد من المدن في إقليم أمهرا وفرضت نفوذها فيها، إلا أن الحكومة استطاعت طردها أخيراً من المناطق التي احتلتها.

ونتيجة للخطر الذي أصبحت تشكله الجماعة، اضطرت الحكومة إعلان حالة الطوارئ في إقليم أمهرا في الرابع من أغسطس الجاري.

وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي "أنه انطلاقاً من مسؤوليات الحكومة في حفظ النظام وفرض القانون والحفاظ على السلم والأمن، قرر مجلس الوزراء إعلان حالة الطوارئ في إقليم أمهرا، وفق المادة 93/1 من الدستور الإثيوبي".

استعادة القانون

كان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية دمقي مكنن قال في تنوير لأعضاء السلك الدبلوماسي بأديس أبابا الأربعاء 16 أغسطس الجاري، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الإثيوبية (فانا)، إن إعلان حالة الطوارئ الذي فرض في إقليم أمهرا من قبل مجلس الوزراء، والذي صادق عليه مجلس النواب، يهدف "لاستعادة القانون والنظام، وإحلال السلام في الإقليم".

وذكر أن "الحكومة تعمل بالتنسيق مع ممثلي المجتمع على استعادة القانون والنظام، وضمان حماية الأبرياء، فضلاً عن استئناف الخدمات الأساسية في الإقليم".

ويعد قرار فرض الطوارئ دلالة حقيقية على تطورات الأوضاع في إقليم أمهرا وما أصبحت تشكله جماعة "فانو" من خطر حقيقي على إثيوبيا في ظل الخلافات العميقة والدواعي القومية والإقليمية. وكانت القيادة العامة لحالة الطوارئ الحكومية أعلنت عن استعادة القانون والنظام في إقليم أمهرا، بعد تحرير المدن الرئيسة في الإقليم من التهديدات الأمنية من قبل الجماعة المسلحة.

وذكرت وفق ما نقلته مؤسسة "فانا" الإعلامية أخيراً أنها "قامت بتقييم المرحلة الأولية من الأنشطة التي تم الاضطلاع بها منذ إنشاء القيادة العامة".

وكشف البيان الصادر عن القيادة العامة "عن نجاح المرحلة الأولى من التحرير لاستعادة مدن بحر دار ودبرى مارقوس ودبرى برهان ولاليبيلا وقوندر وشوا روبيت وإعادتها إلى الأنشطة الطبيعية".

وأوضحت أن "التركيز على هذه المدن في المرحلة الطبيعية يأتي بسبب كثافة سكان المدن المذكورة، ونشاطها التجاري والسياحي، إضافة إلى كونها مراكز للمنشآت الحكومية والصناعية".

دواعي قلق

على مستوى عالمي كانت دول أوروبية هي كل من أستراليا واليابان ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية أعربت عن قلقها إزاء أعمال العنف الأخيرة في إقليمي أمهرا وأوروميا، التي أسفرت عن مقتل مدنيين.

وحثت الدول المذكورة، وفق ما نقله موقع "الراصد" الإثيوبي الجمعة 11 أغسطس، جميع الأطراف على حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان والعمل معاً لمعالجة القضايا الخلافية بطريقة سلمية.

وأضاف موسى فقي أنه "يتابع الوضع في إثيوبيا من كثب"، وأكد التزام الاتحاد الأفريقي دعم "النظام الدستوري لإثيوبيا وسلامة أراضيها ووحدتها وسيادتها الوطنية".

وحث رئيس الاتحاد الأفريقي جميع الأطراف على "وقف القتال على الفور وضمان حماية المدنيين"، كما دعا إلى "الدخول في حوار للتوصل إلى حل سلمي".

وأشار موسى إلى أن الاستقرار مطلوب في إثيوبيا والمنطقة بصورة عامة، وكرر استعداد الاتحاد الأفريقي "لدعم مبادرة إثيوبية تهدف إلى إحلال السلام والاستقرار".

ما يفرق القضيتين

في مقارنة بين قضية تيغراي السابقة وما تستجد به مشكلة أمهرا الحالية مع الحكومة الإثيوبية، يرى الكاتب الصحافي عمار العركي أن "حرب تيغراي بدأت برفض إجراءات وقرارات إدارية وصفتها الجبهة حينها بغير الدستورية، ثم تطورت إلى تحركات عسكرية من قبل الجبهة، وقوبلت بقرارات إدارية رادعة من حكومة آبي أحمد، ثم إعلان حالة الطوارئ، الذي أعقبه اجتياح الإقليم بحجة تنفيذ وتطبيق القانون والحفاظ على الدستور بعد الانتخابات التي أجريت في الإقليم من طرف تيغراي منفردين".

وقال العركي "الآن بعد إعلان حالة الطوارئ في إقليم أمهرا، يتوقع مزيد من الإجراءات والقرارات الردعية والحاسمة ضد ميليشيات فانو، الخطوات مجتمعة بدأت ملامحها فعلياً من خلال تحذيرات وإجراءات صارمة أعلن عنها الجيش الإثيوبي على لسان العقيد قيتنت أداني مدير إدارة الاتصال بوزارة الدفاع".

أعضاء ميليشيا أمهرة يركبون مؤخرة شاحنة صغيرة في مدينة جوندار (أ ف ب) وأضاف أن المواجهات قد تتطور إلى "حرب شاملة" في الإقليم حال لم تذعن ميليشيات "فانو" لدعوات الحكومة، وأن الأوضاع قد تدفع آبي أحمد باتخاذ تدابير وإجراءات رادعة وقاسية متذرعاً بقانون الطوارئ، معتمداً على عنصر القوة العسكرية وسلاح الطيران وتقنية الدرون التي دعمت موقف الحكومة ميدانياً في حربها ضد جبهة تيغراي، خصوصاً بعد التحديثات الأخيرة في الآليات العسكرية ودخول طراز متقدم وحاسم من الطائرات الحربية الروسية".

وأشار العركي إلى أنه "على رغم ذلك لربما تكون حرب أمهرا طويلة الأمد، فميليشيات فانو تعتمد على الدعم الشعبي القوي كما يتمتع مقاتلوها بعقيدة قتالية وهم في حالة دفاع عن مكتسبات الإقليم التاريخية، أو هكذا يروجون لأنفسهم، كما أن الدور الإريتري المساند لفانو سيكون له الأثر ولا نستبعد دخول قوميات أخرى معادية لآبي أحمد إلى جانب أمهرا"

من جانبه، يرى الكاتب السياسي موسى شيخو أن "بيان الاتحاد الأفريقي الأخير جاء في إطار تهدئة الأوضاع في البلدان الأفريقية والدعوة لإسكات البنادق وحل المشكلات السياسية بالطرق السلمية".

وقال شيخو إنه "بعد خوض حكومة آبي أحمد الحرب مع جبهة تحرير تيغراي وانتهائها بتوقيع الاتفاق اقتنعت الحكومة المركزية، فيما يبدو، أن أكبر التحديات في تلك الحروب كانت في ما يعرف بالقوات الخاصة التي لا تخضع لأي هيكلة أمنية فيدرالية، سواء الشرطة أو الجيش، بل تأتمر بأمر رؤساء الأقاليم مما تسبب في شرخ أمني كبير، وعليه قررت الحكومة حل جميع القوات الخاصة، ودعت جميع الأقاليم إلى حلها وضمها للشرطة أو الجيش".

وأضاف "بيد أن إقليم أمهرا لم يتمكن من ذلك بسبب رفض كثير من القوات الخاصة نزع سلاحهم، إضافة إلى الشباب الثائرين الذين تسلحوا إبان حرب تيغراي ليصل الأمر إلى التمرد ومواجهات مسلحة لتتحالف هذه المجموعة وتعلن عن نفسها باسم قوات شعب أمهرا أو فانو الذي يعرفون به محلياً".

الطاولة الأفريقية

من جهته، يشير المحلل السياسي محمد محجوب هارون إلى أن قضية السلام في القارة الأفريقية تعد من أهم الواجبات الملقاة على عاتق الاتحاد الأفريقي بما يمثله السلام من مناخ لانطلاق الدول الأفريقية نحو الاستقرار والتنمية".

وقال هارون إن "الاتحاد الأفريقي لعب دوراً مهماً في مجمل السلام الأفريقي مسهماً في حلول شملت عديداً من بؤر الصراع في أفريقيا، حيث اكتسبت كوادره خبرة في المشكل الأفريقي، وقضايا دول أفريقيا المتمثلة في اختلاف القوميات والإثنيات وما يتبع ذلك من صراع وتنافس".

وأوضح أن "مشكلات القرن الأفريقي، الذي تمثل فيه إثيوبيا دولة مهمة، تعد في مقدمة أولويات الاتحاد الأفريقي لما تشكله المنطقة من حيوية واهتمام عالمي، كما من ناحية أخرى منطقة جذب للصراع العالمي بحكم موقعها الجيوسياسي وأهمية دولها وما تختزنه من ثروات".

وأضاف "ينظر للاتحاد الأفريقي وفق هذه الحيثيات بدور يلعبه في تحقيق السلام الأفريقي الذي يظل واجباً مستمراً أينما حل صراع، وأفريقيا لا تخلو من صراع بحكم المرحلة الحالية، ويعد نجاح الاتحاد في السلام الذي تحقق في إقليم تيغراي بالجهد الأفريقي الخالص دافعاً لأن يلعب دوراً مماثلاً في قضية الخلاف المتفجر بين الحكومة الإثيوبية وجماعة فانو المتمردة، لكن للبعد الدولي دوره كذلك كضاغط على طرفي الصراع من أجل الوصول إلى السلام عبر الطاولة الأفريقية". المصدر ...>>>>>>

19 views0 comments

Comments


bottom of page