"الرئيس المنتخب حديثاً أطلق وعوداً عدة أثناء أدائه حملته الانتخابية في مواجهة منافسه نظيره السابق عبد الله فرماجو"
محمود أبو بكر صحافي مختص في شؤون القرن الافريقي
الجمعة 18 نوفمبر
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال تفقده جنود بلاده في إريتريا (مواقع التواصل الاجتماعي) قام الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الأسبوع الماضي، بزيارة رسمية للعاصمة الإريترية أسمرة، تعد الثانية له في شهرين في ظل خلافات بين البلدين تتعلق بالأوضاع الإقليمية والدولية فضلاً عن الملفات المتعلقة بالتعاون العسكري والأمني.
وبحثت الزيارة التي استمرت أربعة أيام في مجالات عدة عسكرية وأمنية واقتصادية وتنموية. فهل تم تجاوز القضايا الخلافية بين مقديشو وأسمرة أم تم ترحيلها؟
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال تفقده جنود بلاده في إريتريا (مواقع التواصل الاجتماعي) وقال شيخ محمود خلال تفقده الجنود الصوماليين الذين يتلقون تدريبهم العسكري في إريتريا، "هناك أهمية قصوى لإعادة بناء الجيش الصومالي وتحسين قدراته، بما يضمن تحرير البلاد من براثن الإرهاب الذي يهدد الحياة والتنمية".
وزار الرئيس الصومالي برفقة نظيره الإريتري أسياس أفورقي، أفراد القوات الجوية الصومالية الذين يخضعون للتدريب في إريتريا، وأمل أن يلعبوا دوراً مهماً في العمليات الأمنية الجارية في البلاد، وهي المرة الأولى التي يسمح فيها بزيارة رئيس أجنبي القواعد الجوية الإريترية.
بين التعهدات والواقع
وقال الناشط الصومالي محمد عيدي "الرئيس الصومالي المنتخب حديثاً أطلق وعوداً عدة أثناء أدائه حملته الانتخابية، في مواجهة منافسه الرئيس السابق عبدالله فرماجو، لعل أهمها، تعهده باستعادة الجنود الصوماليين الموجودين في مراكز التدريب في إريتريا، وكذلك من قيل إنهم أقحموا في حرب ’تيغراي’ إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الآن"، أضاف عيدي "من الواضح أن ثمة مشكلة في تحقيق هذا الأمر بين أسمرة ومقديشو" مشيراً إلى أن "إريتريا تشترط وجود ظروف سياسية معينة". واعتمدت الحملة الانتخابية للرئيس الحالي، على انتقاد السياسة التي سماها "سياسة المحاور" رافضاً توريط الصوماليين بحروب إقليمية في دول الجوار. وتشير تقارير صومالية "إلى أن أسمرة ظلت تطالب بتوفير مناخ سياسي معين للسماح بمغادرة الجنود الصوماليين وعودتهم إلى بلادهم". وعلى الرغم من تصريحات المتحدث باسم الرئاسة الصومالية عبدالكريم علي كار بأن عودة الجنود أمر محسوم لأنهم صوماليون وسوف يعودون قريباً، فإنه لم يعلن عن تفاصيل أو جدول زمني لهذه العودة، كما لم يصدر من الحكومة الصومالية أي بيانات رسمية حول هذه القضية الشائكة التي كثرت حولها التكهنات.
العلاقة التاريخية
ورأى الصحافي الإريتيري أحمد محمد عمر أن "ثمة خصوصية تتميز بها العلاقات بين إثيوبيا ومقديشو ترسخت بفضل وقوف الصومال مع الشعب الإريتري في كفاحه للحصول على الاستقلال، منذ بداية ستينيات القرن الماضي. وانفرد الموقف الصومالي بأنه كان على مسافة واحدة من كل الأطراف والأجنحة في الثورة الإريترية".
وذكر عمر بخصوصية هذه العلاقة بالإشارة إلى أن الصومال كان في مقدم البلدان التي سمحت بافتتاح مكتب للثورة الإريترية في مقديشو عام 1962 وهو أول مكتب في الخارج إلى جانب تقديم جوازات سفر دبلوماسية لقادة الثورة، لتسهيل تحركاتهم بين مختلف الدول، فالرئيس الإريتري الحالي كان يحمل جواز سفر دبلوماسياً صومالياً باسم "سليمان علمي حرسي" في كل تحركاته الخارجية، مضيفاً "بل أصدرت الحكومة الصومالية أوامرها إلى جميع سفاراتها في الخارج لتقديم جوازات السفر للمواطنين الإريتريين العاديين والطلاب الذين يحصلون على منح دراسية في الخارج".
وأكد أن "الزيارتين المتقاربتين للرئيس الصومالي إلى إريتريا، وحجم العلاقات القائمة لا سيما في المجال العسكري، وتدريب القوات البحرية والجوية الصومالية في القواعد الإريترية تعدان جزءاً من هذه العلاقة التاريخية بين البلدين".
وعزا اهتمام أفورقي بتمتين علاقاته بالصومال لعاملين أساسيين "أولاً أنه، وكما هي الحال بالنسبة لكثيرين من الإريتريين، يشعر أن للصومال فضلاً عليهم بما قدمه من دعم ومساندة خلال فترة الكفاح المسلح حين أغلقت عليهم كل المنافذ، وقد آن الأوان لرد ذلك الجميل"، أما العامل الثاني والأهم فيتمثل في إدراك "أن انهيار الصومال كدولة مركزية يتسبب في اختلال التوازن في منطقة القرن الأفريقي إذ ظل الصومال بما يملكه من إمكانات اقتصادية وعسكرية وسياسية طرف المعادلة القوي أمام المارد الإثيوبي".
حلم كونفيدرالية القرن الأفريقي
ورأى المحلل السياسي إبراهيم إدريس "أن العلاقات الصومالية- الإريترية الحديثة بدأت قوتها بعد مؤتمر عرتا عام 2000، حيث ظهر الموقف الإريتري داعماً لعودة الصومال لنظام فيدرالي جديد، وسعت أسمرة إلى تثبيت الأمر، إلا أنها انسحبت من الملف بعد انعقاد مؤتمر في كينيا 2004 حيث أصبح لإثيوبيا الباع الأكبر في إدارة الملف الصومالي إقليمياً ودولياً". وأكد أن "الأوضاع ما بعد 2019 اختلفت تماماً، وتمت خلال هذه الفترة إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية في المنطقة، بقدوم آبي أحمد على رأس السلطة في إثيوبيا وعبدالله فرماجو في الصومال، وظهر تحالف ثلاثي يضم الدول الثلاث".
وقال إدريس إن "إريتريا كانت أول دولة أفريقية يزورها حسن شيخ محمود بعد انتخابه وثالث دولة خارجية بعد الإمارات وتركيا"، وبالتالي فإن المرحلة الحالية تعد استكمالاً لمرحلة فرماجو، نافياً في الوقت عينه أن تشكل مسألة الجنود الصوماليين عقبة في العلاقة الثنائية التي تشهد تطوراً مطرداً.
وتابع أن "إعادة تأهيل الجيش وتدريب نحو خمسة آلاف من القوات الصومالية في إريتريا جزء من الاستراتيجية الثلاثية الهادفة لعودة الصومال القوي والقادر على عقد التحالفات الضرورية لاستقرار المنطقة ككل"، مؤكداً "أن أسمرة من أكثر الجهات المرشحة للعب هذا الدور على اعتبار أن القوى الأجنبية الأخرى كتركيا التي عرضت إعادة تأهيل الجيش الصومالي، لديها شروط سياسية واقتصادية وجيوسياسية، قد تضع السيادة الصومالية أمام علامات استفهام لاعتبارات تتعلق بكونها لاعبة جديدة وغريبة على المنطقة". ورأى أن التحالف الثلاثي الإريتري– الإثيوبي- الصومالي "قد يمثل النواة الأولى لحلم كونفيدالية القرن الأفريقي الذي طالما طرحته النخب السياسية المستنيرة في هذه المنطقة".
من جهته، رأى الناشط الصومالي محمد عيدي "أن التعاون الثلاثي قد يسهم في القضاء على المهددين الرئيسين في المنطقة وهما التطرف والفقر"، مؤكداً "أن الحروب وحالات عدم الاستقرار مردها تفشي الفقر والتطرف، ولا شك أن محاربة هذه الظواهر تتطلب تنسيقاً كبيراً بين دول المنطقة، بخاصة على مستوى توسيع علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري فضلاً عن التعاون الأمني والسياسي". المصدر ..>>>>>
Comments