top of page
tvawna1

من_يجرؤ_على_دخول_حوش_اسياس

بقلم الاستاذ / فتحي_عثمان

2022/05/30 عندما كنا صغارا نلعب الكرة في الحواري؛ في كثير من الأحيان كانت الكرة تطير وتقع في باحة منزل نصنفه ب (منزل خطير). يكون هذا المنزل خطرا إما بسب قسوة أصحابه، الذين كانوا يشقون كرتنا بالسكين ويعيدونها إلينا على شكل نصفي القمر، أو بسبب وجود كلب شرس يحرس الدار. فإن لم يوجد بيننا جرئ (ينط الحيط)، فإننا نتعوض الله في الكرة ونبدأ في في الاقتطاع من مصروف المدرسة لشراء كرة جديدة. استذكر ذكرى الطفولة هذه وأنا أشاهد الوضع السياسي داخل ارتريا والذي بات يشبه تماما وضع هذا (المنزل الخطر)، مع فارق أن ارتريا تحولت إلى منزل خطر تتوسطه بركة مياه سياسية آسنة ينق فيها الضفدع السام اسياس وتردد صدى نقيقه جوقة ضفادع حول البحيرة. هذه البحيرة لا يحرك ساكنها، حينا، سوى مواجهة مع رجال الدين (الشهيد موسى محمد نور والبطريريك انطونيوس) أو الكشات المتكررة أو صرخات التحذير بهجوم وعدوان جديدان يدبران ضد البلاد، ما عدا ذلك فالبحيرة ساكنة سكون الموت ولا يتردد فيها سوى نقيق الضفادع وسيدها. رمى بعض الأخوة الكرة ليس في ملعب اسياس، لأن كلمة ملعب تصف اللعب الجماعي، واسياس لا يحب سوى اللعب منفردا، عليه نقول حوشه بدلا من ملعبه، ذي البركة الساكنة: حيث أعربوا بتفان واخلاص عن استعدادهم للوقوف معه، والقتال تحت رايته ضد العدوان الوشيك ضد البلاد. وأخذا بالكلام على مراميه وظاهره؛ وتجنبا لشق الصدور ومحاكمة النوايا، فإننا لا نشك في صدق نوايا أصحاب المبادرة، وهم يؤكدون بأن المعني بالمبادرة هو الوطن وليس الفرد الحاكم. ولكن إمعانا في الأخذ بالظاهر من الأمر، أيضا، فإننا لا نعرف قتالا تحت راية إلا راية الرئيس اسياس افورقي رئيس دولة ارتريا والقائد العام للقوات المسلحة (عرفا لا دستورا). وهذا يضع إي مقاتل تحت لواء هذه المبادرة تحت الأمر الشخصي المباشر للفرد، أخذا بالظاهر الواضح والمتبدي والذي لا جدوى من التناطح حوله. إذا كان الأمر يعني الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة (قوات الدفاع الارترية) فلماذا إذن لم يستجب هو لهذه المبادرة الوطنية المخلصة التي تتجاوز (الخلافات) معه وترص معه الصف ضد العدوان وحماية الوطن؟ الإجابة الأولى والقديمة التي قدمها اسياس افورقي في سنة 1993 كانت أنه لن يسمح بدخول أي تنظيم سياسي، ومن يريد دخول البلاد والمشاركة في تعميرها على أن يأتينا فردا. وهذا يتفق مع تاريخه ونواياه لأنه لا يري غيره جديرا أو يمكن أن يؤتمن على بناء الوطن، وهذا موقفه فعلا لا قولا اليوم كذلك. وهذا الموقف يؤسسه اسياس افورقي بمسيرة حكمه في الثلاثين عاما التي تمطى فيها على ظهر البلاد والعباد. والحس السياسي الخبيث للرجل مبنى على (حدوس) وقرون استشعار قواها أيام الثورة وزاد من حدتها بتسلطه في الحكم. وهذه الحدوس تؤكد له بأن ومن خلال السياق التاريخي بأن أصحاب المبادرة الوطنية كانوا حتى الأمس القريب في أديس ابابا التي كان يحكمها الوياني بكامل اجندتهم التي يعرفها هو وبكامل احتلالهم للأراضي الارترية وتمنعهم اللئيم والرافض لحكم القانون؛ بل أن بعض من قدم المبادرة كان على علاقة شخصية بملس زيناوي رئيس الوزراء التيغراوي والذي حول الحرب مع ارتريا من مواجهة عسكرية سياسية إلى حرب شعبية عرقية كريهة بطرده لألوف الارتريين من اثيوبيا وغرسه لسكين في صدر التعايش بين الشعبين مستقبلا. عليه يدرك اسياس بحسه القديم بأن هذه المبادرة ليست مبادرة مبدأ أو حرص وطني خالص بل هي مبادرة حسابات سياسية خاصة بالعلاقة بين من يطرحونها والوياني. لأن بعض مقدر من متبني المبادرة كانوا حتى الوقت القريب يضعون يدهم في يد الوياني والعداء والمخططات العدائية كانت تنسج في وضح النهار من قبل القادة السياسيين والعسكريين للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. ومن الطبيعي أن يسأل اسياس نفسه عن المبادرة وعن الذي استجد اليوم والوياني لم تغير اجندتها ضده منذ التحرير وحتى اليوم؟ الإجابة التي يمكن أن يحصل عليها اسياس افورقي ليست بأي حال مشابهة لإجابة العبد لله فتحي عثمان؛ لأن الرجل لديه أجهزة استخبارات تعمل لصالحه ليل نهار، ولديه كذلك اجهزة استخبارات (صديقة) تزوده بما لم يعلم حول المبادرة ونواياها وهو يتجاهل (اليد) الممدودة له من أجل صالح الوطن. في حين تبدو المبادرة بين رفض قطاع كبير لها وبين تجاهل اسياس الجليدي لها كالماء الذي اهرق طمعا في السراب. ويظل السؤال حاد كنصل السكين: من يجرؤ على دخول حوش اسياس؟


113 views0 comments

Comments


bottom of page