بقلم الاستاذ / علي محمد صالح شوم. هاجمت جبهة التحرير الارترية المتمثلة في زراعها العسكري جيش التحرير الارتري بقيادة الشهيد البطل عمر حامد ازاز قائد المنطقة العسكرية الثانية واشهر قادة الثورة الميدانين في ذلك الوقت معسكر العدو الاثيوبي في مدينة (حلحل)
بالوحدة الادارية رقم 4 حسب التقسيم الاداري لجبهة التحرير الارترية فيما بعد ، والواقعة ضمن الحدود الادارية لاقليم سنحيت وجزء من اقليم عنسبا الحالي حسب التقسيم الاداري الجديد الذي اعلن عنه في العام 1997م. جاءت معركة (حلحل) التاريخية بعد معركة او هجوم الثوار على معسكر العدو في (حقات) والتي كانت خسارة الثورة فيها ثلاثة من المقاتلين الاشاوس شهداء ضمنهم الضابط عثمان موس سليمان وعدد من الجرحي، حدث ذلك نتيجة اخطاء فنية اثناء ادارة المعركة المذكورة. ما دفعني الكتابة عن معركة (حلحل) كثرة الحديث عن تلك المعركة التي مضى عليها اكثر من 53 عاما، ومازال اللقط حولها ، البعض يتهم قائد المعركة وقائد المنطقة العسكرية التي تقع المدينة في دائرتها الجغرافية الشهيد المقدام عمر بانه ذهب الى المعركة هروبا من الذهاب الى الاجتماع العسكري للمناطق العسكرية اوما عرف بمؤتمر بالوحدة الثلاثية الذي كان مقررا في ذلك الوقت وتغيبت عنه المنطقتين العسكريتين الاولى والثانية ، وحتي اوثق بشكل صحيح وأمين اتصلت بأحد قيادات المنطقة الثانية في ذلك الوقت استفسرته عن الامر ووجهت اليه بعض الاسئلة المتعلقة بالمعركة وجاهزية المنطقة لخوضها الاسباب التي دفعت قيادة المنطقة لمهاجمة معسكر العدو في ذلك التوقيت والاستعدادات على أشدها للذهاب الى الاجتماع العسكري الجامع وغيرها من الاسئلة الاستيضاحية .
تلخصت اجاباته في : سبق المؤتمر العسكري اجتماع للمناطق العسكرية الخمس في (منطقة عردايب ) حضره ممثلين من المناطق فكان على النحو التالي :
المنطقة العسكرية الاولى الحضور القائد محمود يناى قائد المنطقة و موسى محمد هاشم. الحضور من المنطقة الثانية القائد عمر حامد ازاز قائد المنطقة المنطقة والشهيد محمود شكيني ،المنطقة الثالثة القائد حامد صالح ، أحمد ابراهيم سكرتير ،. ومن المنطقة الرابعة القائد محمد علي عمرو ، رمضان محمد نور الحضور من المنطقة الخامسة القائد عبدالله ادريس محمد و اسياس افورقي
اهم قرارات هذا الاجتماع كانت ان يعقد اجتماع اخر بعد شهر يحضره قائد المنطقة ونائب قائد المنطقة ، المفوض السياسي ومسؤل الامن من المنطق العسكرية الخمس : المنطقة الاولي محمود ديناى قائد المنطقة ، صالح محمد ادريس ابوعجاج نائب قائد المنطقة، موسى محمد هاشم المفوض السياسي وأحمد آدم عمر مشؤل الأمن، المنطقة الثانية عمر حامد ازاز ، محمد عمر ادم نائب قائد المنطقة ، محمود محمد سعيد شكيني المفوض السياسي وصالح سيد حيوتي مسؤل الامن ، المنطقة الثالثة حامد صالح وأحمد ابراهيم سكرتير صالح محمد سعيد المعروف بكنيته ( أروحتجي) والأمين آدم ، المنطقة الرابعة محمد علي عمرو ورمضان محمد نور ، عثمان عبدالله حركا، محمد حجي شيخ عمر ومصطفى محمد سعيد.أما المنطقة الخامسة عبدالله ادريس محمد، محمد ابراهيم العلي ،أسياس افورقي وسلمون لم اذكر اسمه الاخير. قبل الوصول الى المؤتمر او الاجتماع المذكور حدثت معركة (حلحل ) التي نحن بصددها الان ، ولتوضيح الملابسات علينا ان ننتقل الى أجواء الاحداث في المنطقة الثانية والتي كانت قد خرجت من معركة (حقات) التي تم ذكرها في بداية المقال، كما ان العدو الاثيوبي كان متربص بالثورة في المنطقة نتيجة الضربات الموجعة التي تلقاها والانتصارات الكبيرة التي حققتها قيادة المنطقة الثانية ، هذا فضلا على ان معسكر العدو الاثيوبي في مدينة ( حلحل) كان في خاصرة الثوار لان بقية المناطق المجاورة له كانت في قبضة الثوار من حيث السيطرة القتالية والاستطلاعية الامنية ، وكانت الثورة ترسل العيون لذلك المعسكر تترصد تحركاته اليومية وتجمع المعلومات عن عدد القوة المتواجدة فيه والعتاد ونوعه والطرق المؤدية لمهاجمته ، وذلك يمثل نقطة تحول فارقة في مسيرة الثورة لو تحقق النصر والاستيلاء على المعسكر ، وهي استراتيجية مهمة بالمقاييس العسكرية ونصر سياسي سوف يكون له مابعده لو تحقق، وبالمقابل وضع العدو كل احتياطياته واخذ يزيد من قوته وعتاده وجند العيون التي تتلصص على الثوار. ما اردت قوله في هذا المضمار ان معركة (حلحل) لم تكن وليد لحظة بل كانت ضمن استرايجيات القيادة العسكرية للمنطقة منذ وقت بعيد خاصة وانها كانت بعد سلسلة من المعارك الخاطفة في (باب جنقرين) و(ملبسو) وغيرها وهى مناطق مجاورة ل(لحلحل)، وقد يكون مفيدا ان نذكر بعض المعلومات التي تساعدنا على فهم الحدث والمتمثلة في ان القائد الشهيد عمر ازاز وباعتباره ابن المنطقة كان ملما بالعديد من التفاصيل المتعلقة بالسكان وكانت له علاقات طيبة معهم ونذكر هنا من باب التوثيق في العام 1960م وقبل انطلاق الكفاح المسلح واثناء التحضير لذك زار القائد الشهيد عمر ازاز مدينة (كرن) والتقى مع الشخصيات السياسية فى المدينة امثال المرحوم سليمان ادريس مرير والمرحوم محمد ياسين بلاتا والمرحوم على كرار محمود والمرحوم احمد شيهابى والمرحوم سعيد شاويش واطلعهم عن الاستعدادات التى تجرى لاعلان الكفاح ، وبعد انطلاق الكفاح المسلح وتقسيم المناطق أصبح القائد عمر ازاز قائد المنطقة ونشط في التواصل مع السكان ،كان عنصر ارتباط في المدين مباشرا به وكان يتمتع بثقة القائد ازاز وفي نفس الوقت كان ذو علاقة بقائد معسكر العدو في (حلحل) ، وقد جمع ذلك الشخص معلومات اعتبرها القائد عمر ازاز مهمة بالنسبة له تجعله يقدم على مهاجمة المعسكر، وفور عودته من اجتماع (عردايب) للمناطق العسكرية الخمس اتخذ قراره بمهاجمة المعسكر (الحامية) بناءا على المعلومات التي توفرت لديه ومن ضمنها واهمها معلومات عنصر الارتباط المذكور. اتضح واثناء سير المعركة بان عنصر الارتباط الذي كان يقدم المعلومات عن معسكر العدو له ارتباط مزدوج مع العدو الامر الذي افشل الخطة التي وضعها القائد عمر حامد ازاز فكانت خسائر الثورة 62 شهيد على راسهم القائد الشهيد البطل عمر حامد ازاز و100 جريح ولم تسعفني الذاكرة من ذكر كل شهداء حلحل ولكنني اتذكر الى جانب قائد المعركة الشهيد عمر ازاز اذكر الشهيد ادم ابكر وهو صديق سوداني من غرب السودان، ادم درع ، ادريس عثمان، محمد علي فكاك ، مكلاسي ومحمد علي جيواى. وقد قامت الثورة بالقاء القبض على ذلك العنصر الذي كان سببا في افشال المعركة وتم اعدامه بعد ذلك.
حدثني من كان حضورا في المعركة بان الشهيد عمر ازاز الذي اصيب بجروح عميقة في المعركة وقبل استشهاده اوصى خيرا بالمواطن محمدنور سبر ، ومحمد نور سبر من لجان الجبهة المشهورين والفاعلين وامناء مهمات الجبهة وهو من منطقة (سبر) ولهذا لقب بها.
مما تقدم نخلص الى ان معركة (حلحل) لم تكن هروبا من اى استحقاق بل كانت ضمن الخطة الموضوعة ولو قدر لها النجاح لربما غيرت الموازين وأصبح للثورة شأن في وقت مبكر من عمرها وحافظت على تماسكها . ان الشهيد عمر حامد ازاز من مؤسسي الثورة والكفاح المسلح حتى قبل ان ينهي خدمته في الجيش السوداني ويلتحق بالقائد الشهيد حامد عواتى وهو أحد الذين خططوا بان يلتحق الارتريون الذين يعملون بالجندية في قوات دفاع السودان بالثورة وقد تم تهيئتهم لذلك ، كان وطني من طراز فريد محبوب بين جنوده والقيادات التي كانت معه ومحبة اكثر من المواطنين الذين عرفوه عن قرب ، كان يتمتع بصفات القائد الناجح وفق مقايس زمانه في الحزم والصبر وبعد النظر والحكمة ، ولايمكن لرجل كهذا ان يضع نفسه ومقدرات الثورة التي ساهم في تاسيسها ان تكون عرضة للفشل والهزيمة.
أمل ان اكون قد وضحت بعض الغموض عن موضوع معركة (حلحل) التاريخية ، وعلى ابنائنا الافتخار بان جيل الاباء قدم كل مايستطيع فكان نبراسا لنا جميعا لتنعم الاجيال القادمة بالحرية والسلام.
المجد والخلود لشهدائنا الابرار
علي محمد صالح شوم. لندن –
Comments