أعلنت دول عربية وأفريقية عدة عن رغبتها في قيادة مبادرات لوقف إطلاق النار والشروع في حوار وطني
محمود أبو بكر صحافي مختص في شؤون القرن الافريقي
سارع المجتمع الدولي للدعوة إلى وقف إطلاق النار في السودان والعودة إلى ما قبل الـ15 من أبريل (أ ف ب) مع اندلاع المواجهات في العاصمة السودانية الخرطوم بين المكونين العسكريين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع، وتطورها إلى حرب شاملة في أكثر من موقع في البلاد، سارع المجتمع الدولي للدعوة إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى ما قبل الـ15 من أبريل (نيسان).
ففي حين أعلنت دول عربية وأفريقية عدة عن رغبتها في قيادة مبادرات لوقف إطلاق النار والشروع في حوار وطني ينهي الحرب القائمة، لا تزال بعض الدول الفاعلة في الملف السوداني، لا سيما دول الجوار، تتابع الأوضاع عن كثب من دون إعلان مواقفها من الأزمة القائمة، وعلى رأس تلك الدول إثيوبيا التي نجحت في السابق بعقد اتفاق السلام الذي أنهى الأزمة بين القوى السياسية والمكون العسكري بعد سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، كما التزمت إريتريا بالصمت أيضاً على رغم مساهماتها السابقة في الملف السوداني سواء أثناء حكم البشير وما بعده، بدءاً باتفاق أسمرا للقضايا المصيرية الذي وحد العمل السوداني المعارض، أو اتفاق شرق السودان الذي نجحت في عقده بين النظام السوداني السابق والقوى السياسية المعارضة في شرق السودان، كما أسهمت في المرحلة الانتقالية بإطلاق مبادرة لحلحلة الأزمة السودانية، وإن لم يكتب لها النجاح الكافي على رغم تمتعها بعلاقات قوية مع معظم القوى السياسية السودانية، فضلاً عن المكونين العسكريين المتحاربين الآن، لا سيما وأن آخر زيارة خارجية لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قبل اندلاع الأحداث الأخيرة، كانت للعاصمة الإريترية أسمرا.
فهل تساهم كل من أسمرا وأديس أبابا المتحالفتين والخارجتين من حرب طاحنة في إقليم "تيغراي" الإثيوبي في دعم المبادرتين الأفريقية والمصرية؟ أم ستعملان على إطلاق مبادرات أخرى كالمبادرة الإثيوبية التي أنهت الأزمة السودانية في السابق، لا سيما وأنهما ترتبطان بعلاقات جوار مع السودان فضلاً عن التداخل السكاني والسياسي والأمني؟
تحولات مواقف إثيوبيا
في الأثناء رأى الباحث السياسي الإثيوبي تآمني دسالينج "أن أديس أبابا التي تفاعلت مع الأزمة السودانية ما بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، تبدو أقل حماساً اليوم في التعاطي مع الشأن السوداني"، وبرر ذلك لأسباب موضوعية عدة أهمها "شعور إثيوبيا بتخلي النظام السوداني عن التزاماته تجاه اتفاق السلام الذي قادته بدعم الاتحاد الأفريقي"، مضيفاً أن "الأحداث التي أعقبت الاتفاق تميزت ببروز مواقف عدائية تجاه أديس أبابا، إذ تورط الجيش السوداني في عمليات واسعة على الحدود المشتركة بين البلدين تحت ذرائع استعادة بعض الأراضي المتنازع عليها". وتابع دسالينج "لقد استغلت الخرطوم انشغال أديس أبابا بالحرب الأهلية في تيغراي للتوغل في الأراضي الإثيوبية والسيطرة على أراض زراعية شاسعة تزعم ملكيتها"، وهو ما تعتبره إثيوبيا "تنكراً لدورها الفاعل في إنهاء أزمة السودان وتجاوزاً للعلاقات التاريخية"، وأكد أن "ثمة اتهامات رسمية إثيوبية للخرطوم بالتورط في دعم جبهة تحرير تيغراي في حربها ضد الجيش الفيدرالي الإثيوبي وحليفه الإريتري"، وتابع المحلل الإثيوبي "لقد تحولت مواقف إثيوبيا تجاه السودان تماماً عما كانت عليه منذ أربع سنوات مضت، كما تغير موقع إثيوبيا في الذاكرة الرسمية السودانية بعد المواجهات التي خاضها جيشا البلدين في أكثر من موقع على الحدود المشتركة"، بالتالي "لا يتوقع إطلاق إثيوبيا أية مبادرات فردية أو مشتركة تجاه الأزمة الحالية"، لكن يمكن توقع "دعمها المبادرة الأفريقية" على حساب المبادرة المصرية. صمت أسمرا بدوره سجل المحلل السياسي الإريتري إبراهيم أدريس عدم وجود أي موقف معلن لحكومة بلاده تجاه الأزمة الحالية في السودان، وقال "حتى الآن ليس ثمة موقف معلن من الجهات الرسمية الإريترية تجاه الحرب الدائرة في الخرطوم بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع"، مضيفاً "لكن على المستوى الاستراتيجي ظلت الدولة الإريترية تطلق مبادرات وتقود مساعي حميدة للتوفيق بين الفرقاء السياسيين في السودان في أكثر من مناسبة، سواء قبل أو بعد قيام ثورة ديسمبر التي أسقطت نظام عمر البشير"، ولفت إلى "المبادرة التي أطلقها الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لرأب الصدع بين الأطراف السياسية السودانية والمكون العسكري قبل انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الذي أنهى فترة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك"، وأكد "أن تلك المبادرة لم تحظ بتأييد بعض الفرقاء" في تلك المرحلة التي كانت فيها أسمرا تتوخى نجاح مبادرتها لجلب الفرقاء لطاولة الحوار، بخاصة أنها تتمتع بعلاقات واسعة مع معظم الأطراف السياسية بما فيها الأطراف الموقعة على اتفاق جوبا، فضلاً عن الأحزاب السياسية الكلاسيكية التي تربطها علاقات تاريخية مع إريتريا. لا علاقة خاصة وأشار إدريس إلى أن "بلاده قد تتحرك في هذا الإطار في حال توفر الإرادة السياسية لدى كل من أسمرا والخرطوم"، ويقرأ إدريس أن أسمرا تتمتع بعلاقات مع طرفي الحرب الحالية، سواء مع قيادة الجيش السوداني ومجلس السيادة الحاكم، أو مع قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، بالتالي هي مؤهلة للعب أدوار معينة في الأزمة الحالية إذا ما توفرت الإرادة السياسية. وعن الزيارة الأخيرة لقائد قوات الدعم السريع للعاصمة الإريترية قبل اندلاع الحرب، قال إدريس إنها "أتت في إطار زيارة رسمية، وضم وفد حميدتي ممثلين عن الحكومة السودانية، بمن فيهم مندوبون من وزارة الخارجية ومن جهاز الأمن الرسمي، مما يعني أن الزيارة أتت بدعم وعلم مجلس السيادة السوداني الحاكم والسلطة التنفيذية بكل قطاعاتها، وعليه فهي ليست زيارة محصورة بقوات الدعم السريع"، واستبعد إدريس "أن يكون للزيارة أية دلالة سياسية توحي بوجود علاقات تنسيق خاصة بين قوات الدعم السريع والنظام في إريتريا"، مؤكداً أنها "زيارة رسمية لأحد مكونات الحكم في السودان وبالتنسيق مع مجلس السيادة"، ومذكراً أنها "أتت في فترة شهدت تجانساً واضحاً بين المكونين العسكريين في السودان، وقبل أن تتوتر العلاقات بينهما إلى حد التصادم الحالي". المصدر >>>>>>
Comments