04/03/2022 عارضت إريتريا مشروع قرار يطالب روسيا بوقف الحرب فورًا في أوكرانيا وسحب قواتها العسكرية، خلال جلسة طارئة انعقدت في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 2 من آذار الحالي، ماطرح تساؤلات عن الأسباب التي جعلت الدولة الإفريقية تنحاز للطرف الروسي.
صوّت لمصلحة القرار في الجلسة الطارئة 141 دولة بأغلبية الثلثين (أغلبية ساحقة)، فيما عارضت خمس دول، وامتنعت 35 دولة عن التصويت.
حليف التهرب من العقوبات
خرجت إريتريا من دائرة العزلة في 2018، بعد نحو عقد من العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي عليها منذ 2009، وفي أيار 2021، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على جهاز الأمن الوطني الإريتري، وأدرجه على القوائم السوداء بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان في إقليم تيغراي. وفي تشرين الثاني 2021، فرضت أمريكا عقوبات على الحزب الحاكم في إريتريا، والشركات التي يعتمد عليها الحزب في التعاملات التجارية والأمنية، إلى جانب قياديين بارزين، لمسؤولية هذه الأطراف عن عن ارتكاب “مجازر وأعمال نهب واعتداءات جنسية” في الإقليم.
وشهدت مرحلة ما بعد اندلاع حرب التيغراي، مؤشرات على رغبة إريترية واضحة في تطوير العلاقات مع روسيا، وبالأخص بعد توقيع اتفاق السلام الإريتري- الإثيوبي، في أيلول 2018.
ويأتي تصريح السفير الإريتري بموسكو، بيتروس تسيغاي، لوكالة “سبوتنيك” الروسية، في 10 من شباط 2021، كخطوة في هذا السياق، إذ أعلن ترحيب بلاده ببناء روسيا مركزًا لوجستيًا على أراضيها.
وكانت هذه الفكرة قد طُرحت أول مرة عام 2018، من قبل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في إطار الرغبة الروسية بتوسيع الوجود العسكري في إفريقيا.
وفي مواجهة احتمالات لجوء واشنطن إلى المؤسسات الدولية على خلفية حرب تيغراي، تبرز الحاجة الإريترية إلى الدعم في تلك المحافل ولا سيما مجلس الأمن، وهو ما أتاحته موسكو في السابق، إذ عارضت بشدة فرض حظر السلاح على إريتريا وإثيوبيا عام 2000.
وتوالت الانتقادات الروسية للتقارير الأممية التي تتهم إريتريا بزعزعة استقرار الصومال، فاعترضت موسكو على نشر تقرير مجموعة المراقبة الأممية بشأن الصومال وإريتريا المقدم إلى مجلس الأمن عام 2013، واصفة الاستنتاجات والتوصيات بـ”المنحازة التي لا أساس لها”.
وانعكس ذلك على السلوك التصويتي للوفد الروسي في مجلس الأمن، إذ أبدى اعتراضه على قرار توسيع العقوبات على إريتريا، عام 2011، من خلال الامتناع عن التصويت، وتكرر في 2014، وكانت روسيا أول عضو دائم في مجلس الأمن يطالب برفع العقوبات عن إريتريا في آب 2018.
الإمداد العسكري
كجزء من استراتيجية روسيا لإقامة علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية مع العديد من الدول الإفريقية، زادت موسكو من أنشطتها في سوق الأسلحة الإفريقية، وتعتبر مبيعات الأسلحة عنصرًا أساسيًا في السياسة الخارجية لروسيا لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاستراتيجية.
وتوفر مبيعات الأسلحة الروسية مصدرًا مهمًا للعملة الصعبة، وتعزز العلاقات الدفاعية والسياسية لروسيا مع الدول الأخرى، إذ جاء في تقرير صدر عام 2021 عن معهد “ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام” (SIPRI)، أن روسيا تمثّل 49% من واردات الأسلحة إلى إفريقيا.
وذكرت مجلة “National Interest” الأمريكية، أن روسيا خلال العقدين الماضيين باعت أسلحة إلى ما لا يقل عن 21 دولة إفريقية، كما وقّعت شركة “روس أوبورون إكسبورت” الروسية المعنية بصادرات الأسلحة، عقود تصدير مع أكثر من عشر دول إفريقية خلال عام 2020، تصل قيمتها إلى حوالي 1.5 مليار دولار.
وبحسب معهد “الأبحاث الإريتري السياسي والاستراتيجي” (ERIPS)، في تقرير نشره في 22 من شباط الماضي، فإن الحكومة الإريترية عازمة على توسيع مغامراتها العسكرية في تيغراي وأماكن أخرى في شرق إفريقيا، لذلك تسعى لإقامة علاقة سياسية وعسكرية مع روسيا.
ودعم نظام الحكم في إريتريا بانتظام جماعات المعارضة المسلحة ضد الحكومات التي لديها نزاعات، بما في ذلك “حركة الشباب الإسلامية” في الصومال، وهو ما أدى إلى حروب وخسائر في الأرواح وعدم الاستقرار في المنطقة، بحسب المعهد.
وفي ظل حظر توريد الأسلحة إلى إريتريا، ترى حكومتها في روسيا المورد القادر على تجاوز تلك العقوبات.
إقليم تيغراي
يقع إقليم تيغراي شمال إثيوبيا، ويتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي في تاريخ إثيوبيا.
ويعد الإقليم الغني بالزراعة إحدى الوجهات السياحية المهمة في البلاد، كما يضم مراكز تاريخية ودينية مصنفة على قائمة التراث العالمي، مثل مدينة أكسوم مهد الكنيسة القبطية الإثيوبية.
وشهد إقليم تيغراي الإثيوبي نزاعًا مسلحًا مع الحكومة المركزية في إثيوبيا في تشرين الثاني 2020 بعد انسحاب الجيش الإريتري من الإقليم إثر ضغوط دولية، في حين يتدفق منه المزيد من اللاجئين إلى السودان، حيث ظروف المخيمات التي يقيمون فيها غير إنسانية.
للمزيد >>>>>
Comentarios