مارس 2022م
لم يكن الوضع داخل البلاد أسوأ مما هو عليه الان طيلة الثلاثون عاما الماضية وهذه الحقيقة لم تكن مجرد صفه نطلقها في وصف فعل الدكتاتور في سياق حملة اعلامية تعبوية وذلك نظرا للأوضاع الداخلية في البلاد التي تعكس هذه الحقيقة على كافة الصعد وهذه الحقيقة يجب ان لا نتعايش معها كما تعايشنا مع حقيقة دكتاتورية النظام القائم باعتباره صفة لازمة تناسب افعاله القمعية على مستوى الحريات العامة ولكن ماذا على مستوى الوضع الاقتصادي والاجتماعي أي على المستوى المعيشي للشعب ومتطلبات الحياة اليومية الازمة للبقاء حيا ؟ فهو سؤلا قد يبدو بهذه الصيغة (غريب) لا يتناسب مع التصورات الذهنية للمعارضة الخارجية فهي كما يبدو ما يهمها هو الجانب السياسي على امل يحدث فيه انفراج ما لسببا ما .. ولكن بالنظر الى مسار الدكتاتور الجديد في العلاقات
الدولية فهو قد اخذ انعطافة حادة قد تكون ملائمة أو قل منسجمة مع طبيعته الدكتاتورية فهد اختار قوى دولية (الصين / روسيا ) لا تكترث لطبيعة نظامه القمعية طالما يحقق لها مصالح حيوية ويكون خاضعا لرغباتها حتى ولو كانت تتعارض مع مصالح الشعب الارتري بعد ان يأس من القوى الغربية لا سيما امريكا التي قدم لحليفتها المحلية اثيوبيا (تحت رعايتها) تنازلات لم تكن تحلم بها تحت غطاء "اتفاقية السلام" في عهد ادارة ترامب ظنا منه انها ستغض النظر عن مغامراته في المنطقة وبعد تغير الادارة وجاءت ادارة جديدة ووجد نفسه امام واقع جديد فبدلا ان يكون شريكا مع صاحبه الاثيوبي في جائزة نوبل للسلام وجد نفسه امام سيل من العقوبات الامريكية القاسية لذا لا نعتقد انه يلجأ الى التراجع ويجرى "اصلاحات" سياسية سواء من منطلق "برجماتي " او كان ذلك بضغط غربي او من المجتمع الدولي فهو في تقديرنا (احرق كل مراكبه ).
لذا ان التصدى للتحديات الحقيقة التي تواجه شعبنا هو المسار الصحيح لنضالات المقاومة الارترية في المرحلة المقبلة ومنها "الوضع المعيشي" للشعب الارتري يجب ان نعمل على عكس حالة الشعب الارتري المعيشية وما يواجهه يوميا للراي العام العالمي وحشد الجماهير لمواجهة سياسات التجويع لنظام افورقي والذي وصلت بالبلاد الى حد كارثي يهدد حياة الملايين من الشعب في الداخل فهو وضع لا يقارن حتى بوضع المجاعة في شمال اثيوبيا بما فيها أقليم تجراي بل ان الاسوءا بسبب كونه لا يتحدث عنه احد بسبب الستار الحديدي من التعتيم الاعلامي من قبل النظام الدكتاتوري فضحايا المجاعة المسكوت عنها في ارتريا تتجاوز اعدادها من العشرات الى المئات وتؤكدها تقارير من الجهات الصحية المحلية الغير معلنة فظاهرة النعوش المحمولة بشكل جماعي الى المقابر كل يوم في اغلب المدن الارتري والملفته للنظر لأنها غير عادية إلا انها تؤكد في نفس الوقت على حقيقة قاسية وهي موت جماعي نتيجة الجوع. فمنذ ان فرض النظام الدكتاتوري حظر التجوال وحبس الناس عن الخروج حتى في المناطق الحدودية اصبح من الصعب ايجاد وسائل للإعاشة لسد رمق افراد الاسرة لاسيما كبار السن والأطفال والنساء وأصبح الموت جوعا هو مصير اؤلئك حتما بجانب عدم وجود فرص عمل او حركة للسوق او انتاج زراعي يكفي.
وبرغم من تحويلات المغتربين الارتريين وتحويلاتهم المالية لأسرهم في الداخل إلا انها لا تصمد طويلا أمام غلاء الاسعار وحتى المناطق الحدودية مع السودان التي كانت تتلقى في السابق بضائع المهربين من السودان تسد بعض حاجيات المواطنين الغذائية إلا انها توقفت مع الحشود العسكرية في الحدود من الطرفين السوداني والارتري بسبب حرب تجراي ناهيك عن المناطق الحدودية الاثيوبية التي كانت تشهد حربا ضروس التي قضت على الاخضر واليابس للأسف فيمكنك ان تتخيل وضع الشعب الارتري في ظل هذا الوضع .
ان الثورات الكبرى في التاريخ كان محركها هو الجوع الجوع الذي حرك الجموع الحاشدة التي صنعت الثورة الفرنسية ثم الثورة الروسية وأخيرا في ايامنا هذه انعدام الخبز حرك الجموع السودانية في مظاهرات اسقطت نظام البشير والذي صمد ثلاثون عاما في مواجهة المعارضة السودانية السلمية والمسلحة ولكنه لم يصمد شهور أمام ثورة الخبز .
Comments