واشنطن- (د ب أ):
أطلق الاتحاد الأفريقي محاولة أخيرة لإنهاء الحرب الأهلية في إثيوبيا، والتي يمكن وصفها بأنها الصراع الجاري الأكثر دموية في العالم.
ويوجد الآن ممثلون عن الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيجراي، المعارضة، في بريتوريا عاصمة جنوب أفريقيا لإجراء مفاوضات بوساطة ثلاثة من الشخصيات البارزة في القارة، الرئيس النيجيري السابق أولوسيجان أوباسانجو، والرئيس الكيني السابق أوهوروا كينياتا، ونائب رئيس جنوب أفريقيا السابق فومزيل ملامبو نجوكا. كما يشارك ممثلون
ويقول الكاتب الأمريكي بوبي جوش في تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إن المفاوضات قد تشكل نقطة تحول بالنسبة لإثيوبيا، ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان، والتي كانت يوما ما ثاني أكبر اقتصاد واعد بالقارة.
وقليلون هم من يتوقعون أن تؤدي المفاوضات إلى إنهاء الحرب الأهلية، التي تشرف على إكمال عامها الثاني، ولكن قد يكون من الممكن العودة إلى الهدنة الإنسانية التي أعلنت في الربيع.
وتتوقف نتائج المحادثات على ما إذا كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مستعدا للتخلي عما حققته قواته منذ استئناف القتال في شهر أغسطس الماضي. ويقول جوش إن على الولايات المتحدة، التي ساعدت في الوساطة للتوصل لهدنة، مواصلة الضغط على آبي أحمد ليوافق على هدنة آخرى. ويتعين عليها في الوقت نفسه الاستعداد للسيناريو الأسوأ، أي حدوث أزمة إنسانية تضاهي أسوأ الكوارث التي شهدتها أفريقيا خلال القرن الماضي.
ولكن البوادر لا تبشر بخير، فقد أقسم آبي أحمد العام الماضي، في الذكرى الأولى لاندلاع الحرب أن "يدفن" جبهة تحرير تيجراي. وبعدما سيطرت القوات الإثيوبية على ثلاث مدن في تيجراي شمالي البلاد، أبدت الحكومة نيتها توجيه ضربة قاصمة للجبهة، التي كانت تهيمن يوما ما على الحياة السياسية في البلاد، والتي تعارض مساعي آبي أحمد بشأن تركيز السلطة في أديس أبابا. وحتى في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة الإثيوبية لمحادثات بريتوريا، صعدت قواتها الهجوم في تيجراي، تدعمها قوات من الجارة إريتريا.
ويرى جوش أن سجل الاتحاد الأفريقي كوسيط في هذا الصراع، الذي يحتدم بالقرب من المقر الرئيسي للاتحاد في العاصمة الإثيوبية، لا يسمح بقدر كبير من التفاؤل، فقد أظهر الاتحاد الأفريقي قدرا ضئيلا من الاعتماد على رئيس الوزراء الإثيوبي الحاصل على جائزة نوبل للسلام، بل لم يحمل مرآة ليرى فيها آبي أحمد جرائم الحرب المروعة التي يُلقى فيها بالمسؤولية على قواته.
وتتمثل هذه الجرائم في التسبب في أن يتضور المدنيون جوعا، والاسترقاق الجنسي لنساء تيجراي. كما اتهمت لجنة أممية القوات الإريترية وجبهة تحرير تيجراي بارتكاب انتهاكات. ولا يمتلك الاتحاد الأفريقي تأثيرا على الرجل الذي يدعم آبي أحمد للمضي قدما فيما يفعل، أي الديكتاتور آسياس أفورقي، رئيس إريتريا، والذي يحمل مظالم تاريخية ضد سكان تيجراي.
كان أفورقي تمكن من قيادة بلاده للاستقلال عن إثيوبيا تحت حكم جبهة تحرير تيجراي خلال تسعينيات القرن الماضي، واستضافت تيجراي اللاجئين الذين فروا من نظامه القمعي، إلى حرب استمرت عامين (1998-2000). وبعدما نال جائزة نوبل لتوصله لاتفاق سلام مع أفورقي، يعتمد آبي أحمد الآن على دعم الرئيس الإريتري في الحرب الأهلية بإثيوبيا.
وسوف يسعى آبي أحمد وأفورقي إلى إخراج جبهة تحرير تيجراي من معاقلها الجبليةـ وإخضاع المنطقة تماما لسلطة الحكومة الاتحادية.
ويصل الكاتب الأمريكي جوش من كل ذلك إلى أنه يتعين على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الاستعداد لفشل محادثات بريتوريا.
وعلى سبيل التحسب، منحت أمريكا وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين المقيمين على أراضيها، حيث يحق لهم التقدم بطلبات للحصول على تصاريح عمل، وإرجاء الترحيل إلى خارج الولايات المتحدة. ولكن حال واصلت القوات الإثيوبية والإريترية طريقها إلى تيجراي، سوف يحاول الملايين الفرار من المنطقة، ليذهب معظمهم باتجاه السودان.
ويقول جوش إنه يتعين على واشنطن حشد الجهود الدولية لدعم السودان بالوسائل التي تمكنهم من استضافة هؤلاء مؤقتا، وتوفير الغذاء لهم. كما يجب عليها أن تضع عبء سلامتهم على الاتحاد الأفريقي، ليتحمل مسؤولية توفير الحماية لهم، إذا لم يفلح في تحقيق السلام.
كما يجب على أمريكا إخضاع القادة العسكريين الإثيوبيين والإريتريين، المسؤولين عن جرائم الحرب والانتهاكات لنفس النوع من العقوبات المفروضة على القادة والمسؤولين من روسيا وبيلاروس الذين اقترفوا جرائم مماثلة في أوكرانيا. وتم فرض عقوبات على إريتريين الخريف الماضي، ولكن إدارة بايدن لم ترغب في استهداف كبار المسؤولين الإثيوبيين، ربما أملا في أن يشجع مثل هذا التسامح آبي أحمد على السعي لإحلال السلام. المصدر>>>>>
Comments