بقلم الاستاذ / فتحي_عثمان
2022/05/20
ها هي نذر حرب أخرى تلوح في أفقنا السقيم فتذهل لها العقول ويطيش لها الصواب. ويبقى سؤال كمرسى يشد السفينة إلى الأمان وهو: هل هذه الحروب المتعاقبة هي حروب الشعب الارتري، أم هي حروب اسياس افورقي؟
الإجابة عند كل واحد وواحدة منا ستحدد من يقف في أي رصيف من اليابسة الدبقة والمبللة بالدماء.
فإذا أجبنا بأنها حروب الشعب الارتري، فمعنى ذلك أن هدفها كان السلام والعيش الكريم؛ تماما كما كان شأن حرب التحرير الوطنية طويلة الأمد. أما إذا كانت هي حروب اسياس أفورقي المستبد الجاثم على قلب الوطن، فلا سلام ولا أمان بعدها؛ بل هي دورات من الويلات والثبور وعظائم الأمور.
وكما تقرع طبول الحرب الآن، دعونا ندق كذلك على نحاس الاسئلة:
هل جلبت الحرب مع اليمن السلام للصيادين الارتريين؟
هل جلبت الحرب مع السودان الرخاء لشمال غربي ارتريا وغربها وجنوبها الغربي؟
هل جلبت حرب بادمي السلام والأرض؟
هل حقق التناوش المستمر مع جيبوتي السلام والوئام؟
هل حقق تدخل اسياس افورقي في حرب تيغراي الأخيرة الأمان الأبدي لارتريا بالقضاء على عدوها اللدود، كما جاء في تبرير الحرب وتمريرها؟
يجدد الأسئلة ونزيفها بيان الحكومة الارترية الأخير بأن قيادة تيغراي تنوي شن حرب شاملة ضد ارتريا وأن قوات الدفاع الارترية ستكون لها بالمرصاد كحق طبيعي وقانوني في الدفاع عن النفس.
يقيني، الذي يرسخه جنون قادة المنطقة جميعهم، يوما بعد آخر، هو أنهم دون استثناء يرضعون من ثدي الشيطان. فزعماء تيغراي المأفونون يناولون الكأس للمستبد العجوز في اسمرا، ثم يتلقف الكأس منهم جنرال الخرطوم في متاهته. يخوضون في غمرات سكرتهم حروبهم ضد شعوبهم أولا؛ ثم يتبادلون أنخاب الدم فوق تلال الخراب تلك قبل أن يحطموا زجاجات وكؤوس سكرهم على رؤوس بعضهم بعضا.
حرب تيغراي الأخيرة كانت حرب اسياس ضدهم وهي الحرب التي وطأ فيها عاصمتهم كما يطأ الرجل الغصيبة، وتركهم يتجرعون مرارة الذل وينسجون أنوال الانتقام ليلبسوا اسمرا ثوب ذل مماثل ويتربصون بها الدوائر لينالوا منها منالا عزيزا.
واسياس ومن لف لفه يضاعفون حصص الرهان في كل جولة بالادعاء بأن هذه الحروب هي حروب الشعب الارتري؛ وهناك من يشاركه موائد العار والقمار فيضع كل رهانه معه ويبقى الشعب الارتري صامتا في ليل الرهان الدنئ المدلهم.
بقاء الشعب صامتا، يعني، كما هو الحال دائما، بأن هناك من سينوبون عنه في الحديث، تماما مثل كل مرة. فإذا اندلعت حرب المجون والجنون القادمة، فلا يصح إلا المثل الجاري: "إذا فات الفوت لا ينفع الصوت."
حرب اسياس الأخيرة ضد تيغراي كانت حرب عدوان سافر ولئيم، وحرب قادة تيغراي ضده ستكون حرب عدوان وخسة وخراب على البلاد.
المرء لا يعرف على وجه الدقة تدبير قادة وياني الشيطاني؛ ولكننا نعرف عراب الخراب الذي يحتنكنا من اسمرا، والذي كان حتى الأمس القريب، الذي لا يغيب عن الذاكرة، يستخدم قوات الجبهة الديمقراطية لتحرير تيغراي (دمهيت) في إذلال الشعب والشباب الارتري وفي تأمين أمنه الشخصي. وهو عندما يحارب حربه ضد تيغراي، لا يمكنه أقناع الشعب بأن هذه حربه؛ لأن قوات (دمهيت) عندما كانت تسرح وتمرح في ارتريا (كانت مخصصاتها المالية وامتيازات قادتها التي تأتي مباشرة من مكتب الرئيس أكبر من مخصصات الجنود الارتريين المساكين، ويشهد على ذلك تذمر بعض الضباط الارتريين) كان الشعب يتأذى منها آناء الليل والنهار: فهل كان أولئك نوع آخر من (التغارو)؟ ثم أين هم الآن؟ وما هو موقفهم من الحرب المزمعة ضد اسياس وضد الشعب الذي أكلوا في إناءه ثم بصقوا فيه؟
هذا الدليل النافذ كسهم إلى سويداء القلب يثبت أن حروب اسياس افورقي لم تكن يوما ولن تكون هي حروب الشعب الارتري، وربما آن الأوان ليقول الشعب الارتري كلمته الفصل حتى لا يتحدث بالنيابة عنه ذو لسان قصير وكذوب.
Comments