top of page

رسالة مفتوحة إلى الرئيس الإريتري أسياس أفورقي

  • tvawna1
  • May 30
  • 3 min read

Updated: Jun 1

بقلم: د. مبراتو كيليتشا – أكاديمي إثيوبي مستقل

فخامة الرئيس أسياس أفورقي، أتقدّم إليكم، وإلى شعب إريتريا، بأحرّ التهاني بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لاستقلال البلاد. هذا الإنجاز لم يكن سوى ثمرة نضال طويل وتضحيات جسيمة، ستظلّ محفورة في ذاكرة شعوب


المنطقة. غير أنني أكتب إليكم اليوم لا من باب التهاني وحدها، بل بوصفي ابنًا لهذه المنطقة الجريحة، وأكاديميًا يحلم بمستقبل أكثر إنصافًا وتكاملًا لشرق إفريقيا، مستقبل يتجاوز لغة الريبة، ويُؤسس لعلاقات تقوم على الثقة، والتعاون، والاحترام المتبادل.

لقد تابعت خطابكم الأخير بمناسبة عيد الاستقلال كما نُشر عبر وزارة إعلامكم. ورغم ما حمله من فخر مشروع بالسيادة الوطنية، فإنه في تقديري، ظلّ مشدودًا إلى خطاب المظلومية، ومنغلقًا على سرديات الصراع، أكثر من كونه انفتاحًا على أفق إقليمي جديد.

السيادة الحقيقية ليست قمعًا داخليًا

تحدثتم عن الاستقلال والوحدة والتقدم بثقة، لكن تلك المفاهيم تفقد معناها حين تُبنى على تكميم الأفواه، وفرض التجنيد الإجباري بلا أفق زمني، وسحق الآراء المعارضة. فكيف تُجسّد السيادة بينما يُجرد الشعب من حقه في التعبير والاختيار؟ وأي تنمية تُبنى على حساب حريّة الإنسان وكرامته؟

خطاب الحصار والخوف... إلى متى؟

قراءة واقع النظام العالمي التي قدّمتموها في خطابكم – من تراجع دور المؤسسات متعددة الأطراف إلى صعود القوميات – هي تشخيصات نلتقي فيها. لكن ما يؤسف له أن خطابكم انسحب إلى لغة الانغلاق والحصار، بدلاً من أن يدعو إلى شراكة إفريقية جديدة، قائمة على التكامل والتضامن لا على الشك والتوجس.

الداخل الإريتري مصدر الخطر الأكبر

تحذيركم من "الأعداء المتربصين" قد يُفهَم في سياق تحديات المرحلة، لكنه يُغفل حقيقة أن التهديد الأخطر لأي وطن غالبًا ما ينبع من الداخل: من عسكرة المجتمع، وتحويل الدولة إلى قلعة أمنية ترى في كل اختلاف تهديدًا، وفي كل رأي مخالف خيانة.

تدخلات إقليمية... وصمت عن الانتهاكات

لا يمكن بناء ثقة إقليمية بينما تظلّ إريتريا طرفًا فاعلًا – وأحيانًا متورطًا – في صراعات الجوار، دون اعتراف أو مساءلة. تدخلكم العسكري في حرب تيغراي، وما رافقه من تقارير موثقة عن انتهاكات، هو ملف لا يمكن طمسه بالصمت أو تجاهله بخطاب السيادة.

قراءة مغلوطة للواقع الإثيوبي

أما حديثكم عن إثيوبيا، فقد وقع في فخ التبسيط المخل، خصوصًا حين صوّرتم الحراك الأورومي كتهديد وجودي، متجاهلين ما يُمثّله هذا الحراك من مطالب مشروعة في إطار نظام فيدرالي يُحاول أن يعكس تنوّع البلاد. هذه المقاربة تُعيد إنتاج خطابات الهيمنة القديمة التي طالما تجاهلت تطلعات الشعوب.

لا وصاية على خيارات الدول الأخرى

طلب إثيوبيا ممرًا بحريًا ليس مؤامرة على إريتريا، بل حاجة جيوسياسية لدولة مغلقة جغرافيًا. ويمكن لإريتريا، لو وجدت الإرادة السياسية، أن تحوّل هذا الملف إلى مشروع شراكة استراتيجية بدلاً من اعتباره تهديدًا وجوديًا.

السودان.. أزمة داخلية لا مؤامرة خارجية

الأزمة السودانية ليست مجرد تآمر خارجي كما ورد في خطابكم، بل نتيجة تراكمات داخلية وعقود من الإخفاقات السياسية. وتناول هذا الملف بلغة المؤامرة يُبرّئ الفاعلين المحليين ويعقّد فرص الحل.

رسالة إلى جيل ما بعد الحرب

يا فخامة الرئيس، إن الجيل الجديد من أبناء إثيوبيا وإريتريا سئم من مناخات الحرب والشك. إننا نحلم بمستقبل تصنعه الشجاعة، لا شجاعة السلاح، بل شجاعة المكاشفة، وبناء الثقة، وتكريس الحريات، وإرساء التعاون الصادق.

دعوا ذكرى الاستقلال لا تكون مجرّد احتفال ماضٍ، بل وعدًا متجددًا لمستقبل يُقاس بمدى ما تمنحه الدولة من كرامة وحرية لمواطنيها، لا بعدد معسكراتها أو جبهاتها.

مع خالص التقدير والأمل،

د. مبراتو كيليتشا

أكاديمي إثيوبي مستقل، متخصص في شؤون القرن الإفريقي

---

عن الكاتب:

الدكتور مبراتو كيليتشا حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ويستمنستر، وماجستير في بناء السلام من جامعة دورهام، ويقيم حاليًا في الولايات المتحدة كباحث مستقل. تتركز اهتماماته الأكاديمية على الحوكمة، وتحليل النزاعات، وبناء السلام النقدي، والتنمية السياسية والاجتماعية في شرق إفريقيا.

نُشر أصل المقال في موقع Addis Standard، وتمت إعادة تحريره لأغراض ثقافية وتعليمية غير ربحية مع الحفاظ على أمانة النص ومضمونه.

شبكة رصد إريتريا الإخبارية

صوت المنفى…

 
 
 

Comentarios


bottom of page