top of page
tvawna1

بيرسونا نون غراتا.

Updated: Jul 29

بقلم الاستاذ / فتحي عثمان 27/ 07/2024 هذا المصطلح اللاتيني السائد في العرف الدبلوماسي يعني حرفيا "شخص غير مرغوب فيه". وهو عرف قديم في طرد الدبلوماسيين بين الدول تم تقنينه في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية في


المادة 9 منها. تنص هذه المادة على أنه: "يجوز للدولة المعتمد لديها، في جميع الأوقات، ودون إعطاء أسباب لقرارها، أن تعلن للدولة المتعمدة أن رئيس البعثة أو أي موظف دبلوماسي فيها شخص غير مرغوب فيه (بيرسونا نون غراتا) أو أي موظف آخر فيها غير مقبول وفي هذه الحالة تقوم الدولة المتعمدة (دولة الدبلوماسي) حسب الاقتضاء، إما باستدعاء الشخص المعني أو إنهاء خدمته في البعثة". ودرجت العادة على إمهال الدبلوماسي المطرود فترة مغادرة يستطيع تسوية أمور البعثة وأموره الشخصية فيها على وجه السرعة. نشرت الشرق الأوسط خبر طرد القائم بالأعمال السوداني من اسمرا مع تحليل لتبعات القرار (الرابط في أول تعليق).

الأسباب المعروفة لطرد الدبلوماسيين عادة لها علاقة بالقيام بأفعال تتنافي ووظيفتهم الدبلوماسية المحددة باتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية. وعادة تشمل التجسس (غير الدبلوماسي) والتنصت ومراقبة المواقع الحساسة، محاولات تجنيد مواطنين الدولة المضيفة في مهام تخابرية، أو الالتقاء بمجموعات تعمل ضد الدولة المضيفة. أو رشوة مواطنين لأداء مهام محددة تضر بالأمن القومي. وكما تنص المادة أعلاه فإن الدولة المضيفة غير ملزمة ببيان أسباب طرد الدبلوماسي، مما يفتح أبواب التكهنات على مصراعيها.

الحكومة الارترية وطرد الدبلوماسيين

للحكومة الارترية سجل لا بأس به في طرد الدبلوماسيين المتعمدين.

أول حالة طرد وقطع علاقة كانت مسجلة باسم سفير جمهورية السودان في خريف عام 1994، حيث تم اعلان السفير السوداني شخصية غير مرغوب فيها وتم تسليم مبني السفارة المملوك للحكومة السودانية إلى المعارضة في عام 1995. القرار جاء في ظل الحرب غير المعلنة بين اسياس والبشير وملس وقيام جميع الأطراف بتهديد الدولة الأخرى دون استثناء. قرار طرد السفير كان قرارا شخصيا من الرئيس أفورقي لم يعلم به وزير الخارجية حينها بطرس سلمون الذي كان متواجدا في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ( بما أن وزارة الخارجية الارترية مكتب تابع لمكتب الرئيس فإن القرارات تصدر بتلك الطريقة)

في عام 1995 قامت ارتريا بطرد السفير الإيطالي السنيور أنطونيو بانديني بسبب التدخل في الشئون الداخلية للبلاد (الرجل قابلته في اسمرا وأعطاني انطباعاً بأن ارتريا لا زالت مستعمرة إيطالية، مما عزز الإحساس عندي بأنه كان "يستاهل" الطرد)

في عام 1998 طردت ارتريا دبلوماسيين امريكان في غمرة الحرب الاثيوبية الارترية.

في العام 2001 قامت كذلك بطرد مبعوث الاتحاد الأوروبي في اسمرا وذلك على خلفية مطالبة بإعادة حرية الصحافة الخاصة وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

قامت الحكومة الارترية كذلك بطرد بعثة الأمم المتحدة المشتركة بين ارتريا واثيوبيا والمعروفة باسم (الأنميي).

ما عدا في الحالة الأولى التي ترافق فيها طرد السفير السوداني مع قطع العلاقات بين البلدين، فإن حالات الطرد اللاحقة لم تعني قطع العلاقات مع إيطاليا أو الاتحاد الأوروبي.

أما "التحليلات" التي تحاول تفسر طرد الدبلوماسي السوداني في اسمرا ففي أغلبها خبط عشواء. الشائع منها يذهب إلى أن الحكومة الارترية طردته بسبب فرض رسوم "إقامة" على مواطنيه بينما الحكومة الارترية لا تفرض رسوم اقامة على السودانيين. والسؤال هو بأي حق يفرض رسوم إقامة في بلد هو ضيف فيها. ولو كان فرض الاتاوات والضرائب والرسوم على المواطنين سببا لطرد الدبلوماسيين لما بقي دبلوماسي ارتري في الخارج!

كندا وبريطانيا والسويد قامت من قبل بطرد دبلوماسيين إرتريين بسبب فرضهم ضريبة دخل على ارتريين يحملون جنسيات هذه البلدان مما عدته السلطات تعدي على حقوق مواطنيها وإن كانت أصولهم ارترية.

المذهب الثاني في تفسير طرد الدبلوماسي يقول أن اسمرا تبحث عن أحلاف جديدة. ولا يتفق هذا التخطيط مع طرد "موظف" بل هناك أكثر من سبيل لإعلان ذلك. ورغم أن طرد الدبلوماسي قد يعني تدهورا في العلاقات الثنائية لكن ذلك لا يصل إلى مرحلة التأزم وقطع العلاقات وهو أمر البلدين في غني عنه في الوقت الراهن.

التسريبات تشير إلى قيام الدبلوماسي وعبر "مخبرين" بالتجسس على تدريبات المجموعات المسلحة السودانية في معسكر ساوا بغرب البلاد، وهو أمر لن تقبل به السلطات الارترية، إذ يندرج ذلك في تجاوز المهام الدبلوماسية مع أن العرف والممارسة الدبلوماسية تتطلبان من المبعوث الدبلوماسي مراقبة ورصد أي أنشطة يمكن أن تمثل تهديدا لأمن بلاده، ولكن بالطرق "الدبلوماسية".

40 views0 comments

Comments


bottom of page