مكتب الإعلام
حزب النهضة الارتري للعدالة 09/02/2022

فى تاريخ كل الشعوب أمجاد وانجازات وعلى رأس كل انجاز ومجد هناك قيادات صنعت هذا التحول وتظل الشعوب تخلد تاريخهم وتحيي ذكراهم بكل فخر واعتزاز جيل بعد جيل ، والزعماء والقيادات دوما تصنعهم الأحداث وهم يقودون الشعوب في أحلك الظروف والمنعطفات إلى حيث المجد والسؤدد فهناك من قادوا الشعوب نحو تحقيق الاستقلال وهناك من وضعوا أسس وقواعد دولة تعيش للأبد تمنح مواطنيها الأمان والكرامة والازدهار.
نحن في ارتريا نذخر بالعديد من القيادات التاريخية الذين كانت لهم بصمة واضحة في مسيرة بلادنا خاصة في مرحلة التحول السياسي والسعي نحو الاستقلال في الأربعينات وكذلك في فترة الكفاح المسلح هؤلاء القيادات حاضرون فينا كرموز لأنهم تمسكوا بحق الأمة الارترية في الاستقلال وتمسكوا بوحدة الشعب والأرض وظلوا في ميادين المواجهة السياسية والقتالية فداء بأنفسهم من اجل تحقيق الاستقلال .
فالقيادات إما أن تأتي باختيار الشعوب من خلال صناديق الاقتراع ويمنح الشعب الثقة في القيادات لما يراه فيها من المقدرة والكفاءة والإخلاص والولاء للشعب وبالنظر أيضا للخلفية التاريخية التي عبرها وصل القائد إلى مرحلة الترشح لتسلم أعظم مهمة في حياة الشعوب وهو أن تكون قائدا لها تتحمل كافة المسئوليات كالآمن والمعاش والكرامة ومسئول أيضا عن الأرض وخيراتها وتوزيعها بينهم بالعدل ، والشعوب بكل تحزباتهم واختلاف سحناتهم كلهم يمثلون شريحة واحدة أمام القائد الذي اختاروه ومن جانبه يؤمن بأنه مسئول عنهم جميعا بمستوى واحد فهم بالنسبة إليه الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأبناء والبنات يخضع لهم ويتواضع أمامهم ويكون أسدا هماما أمام كل من يحاول إيذاءهم أو النيل منهم أو من أرضهم .
وإما أن تأتي القيادات من خلال قيادة ثورة تغيير أو تصحيح فالقائد الذي يصل بهذه الطريقة يجعل مصدر قوته من ترحيب الشعب وقبولهم به قائدا لا ليفرض عليهم نفسه بقوة السلاح ، والقائد الذي يأتي بالثورة دوما يبحث ليكون له موضعا في قلوب الجماهير ليس بكلام ساحر أو باستعراضات واحتفالات وأهازيج والتطبيل إنما من خلال تضحيات وإنجازات يلمسها الشعب وتلبي رغباته وطموحاته ويستشيرهم ويستمع لآرائهم ومقترحاتهم وانتقاداتهم بكل رحابة صدر ، هذا هو القائد الحقيقي الذي تقف خلفه الشعوب وهي في ثقة تامة بأنه يمثل كل شريحة فيها فهو لا يفرق بينهم وهو قريب من شعبه وإذا اعترضوا عليه في أمر ما تراجع عنه سريعا معتبرا ومتيقنا بأنهم الأقدر في التعبير عن مصلحتهم .
إن القائد الحقيقي الذي يحظى بثقة الشعب هو دوما يعمل في ضمان مشاركة شعبه في كل شان من شئونهم ويوفر لهم الحماية في ضمان عن التعبير عن كل ما يخالج خاطرهم ويحسسهم بأنهم جزء عزيز في حياته ويسعى دائما للتخفيف عن معاناتهم وضمان الحياة اللائقة بهم ليستشعروا بأنهم يتمتعون بكل مقدرات وخيرات أرضهم ويمكنهم بان يختاروا في كل المواقع من يتولى أمرهم ولا يولي عليهم من يكرهونه أو لا يجمعون عليه .
إن القائد الحقيقي هو الذي يدرك بان الشعوب هي التي تصنع الانجازات ولا ينسب الانجاز إلى نفسه ، وهو الذي يؤمن بأنه في المقدمة يقود ولكن الرجال والنساء من خلفه هم من يصنع الانجازات وهم من يتحمل الأعباء ودفع تكاليف كل قرارات ، طالما هذه الشعوب وخلف قائدها تؤمن بان القرار هو قرارها وهي من صنعته وهو يعبر عن تطلعاتها أو مخاوفها ، فالقائد
هو الذي يجعل من الانجازات تاجا للشعوب ويجعل من الفشل والخسارة مسئوليته وفي هذه الحالة يكون جاهزا لينال من شعبه ما يصنعونه فيه ويمنحهم الخيار بان يبحثوا عمن هو أصلح منه ، والقائد هو الذي يؤمن بالعطاء ومتى ما أحس بان عطاءه ليس مرضيا وان حركته ليست بحجم وطموحات شعبه يفسح المجال لغيره طواعية لأن همه هو مجد الأمة وليس مجده ، بقاء الأمة وليس انتهاءها وقوة الأمة وليس ضعفها وغناء الأمة وليس فقرها .
إن القائد الحقيقي هو الذي يتمتع بعمق في الرؤية ولديه نظر بعيد المدى بحيث يعمل دوما ليس للفترة التي يعيشها أو في يده زمام السلطة إنما يعمل لمستقبل الأمة وما يضمن بقاءها في الصدارة والتقدم وذلك من خلال ترسيخ القيم الأخلاقية التي توحد الشعب وتجعله منسجما مع بعضه البعض وهو الذي يصنع الانصهار بين أبناء الوطن من خلال الحياة التي يندمجون فيها في صناعة مستقبلهم ويحترمون ماضيهم ويفخرون بأمجادهم وليس بينهم مهمشا أو حقيرا بل الكل لديه إحساس بالفخر والانتماء من اجل الارتقاء نحو الاتجاه الذي رسمته الأمة يسعى دوما في بناء المؤسسات وهياكل الدولة التي تسمح لها بالنمو المضطرد ولا تسمح بتسلط الأفراد وتسلق من ليس هم على المقدرة والكفاءة والثقة ، فالمؤسسات هي التي ترسم السياسات وتلهم القائد وتضع أمامه الخيارات وهي التي تضمن محاسبته وهي مخولة بكامل الصلاحية من الشعب الذي وعبر الممارسة والمشاركة الحقيقية كفيل بحماية هذه المؤسسات ويضمن بممارسة صلاحياتهم وفق الدستور والقوانين .
بلادنا وبعد الاستقلال كان الطريق لبناء الأمة والدولة واضحا أمام الجميع والكل كان على استعداد لذلك لكن قيادة المرحلة وهم ألان يمثلون النظام القائم في تلك اللحظة التاريخية وفي تخبط واضح ذهبوا في خط يتجافى تماما مع رغبات الشعب الذي كان ينتظر الاستقلال بفارغ الصبر ليبني دولته الفتية ويجعل منها أنموذجا في المنطقة يحترم فيها رأي الشعب وتكون الحريات مصونة والجميع يخضع للقانون ، ولكن هيهات مع وجود قيادات لم تكن منسجمة مع أهداف النضال وفي لحظة النشوة جعلت من انتصار الشعب هو انتصار للتنظيم وتطلعاتهم الذاتية، الذي في نهاية المطاف أدي إلى تحقيق طموحات ونرجسية رجل واحد وعصابة تحلق حوله .
الشعب الارتري بدلا من أن يساهم في بناء وطنه أصبح يحارب بعضه البعض بدل أن يحمي وحدته ويتطلع لمستقبله أصبح بين مصفق للنظام وهم قلة وبين من يتفرج وهم الأغلبية والجميع لا يدري ما الذي ينتظره غدا مع وجود غيورين على الوطن ويعملون من اجل التغيير وهم في تنامي مستمر، وأصبح البحث عن المستقبل خارج الوطن هو الهم الشاغل وليس بداخله ، وليست هناك ثقة متبادلة بين الأفراد والجماعات والنظام الذي لم يعمل قط ليعزز هذه الثقة سعى إلى زعزعة الثقة بين أبناء الشعب .
وعند الحديث عن النظام في البلاد لا يمكن القول انه يقود الشعب بل الشعب والبلاد ينقادون إليه بحكم الأمر الواقع والجبروت، فالحكومة الارترية قائمة ولها ممثلين بالخارج ولكن في حقيقة الأمر لا تمثل إلا نفسها وليس لهموم أبناء ارتريا حيز في عالمها الخاص ، ورئيس الحكومة اسياس الذي قاد التنظيم الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا ودخل العاصمة أسمرة محررا فانه وبممارساته الغير إنسانية والتي تجاوزت كل الخطوط الحمراء وهي ملأى بالحمق والفحش والازدراء بالشعب وأهانته التي انتزعت منه تلك الصفة التي حازها إبان التحرير وهي الشرعية الثورية باعتباره قائد ثورة تحررية من الاستعمار وقد اضمحلت تماما وانتهت بعد أن تحول إلى القيام بدور مستعمر محلي يسعى في كل شئون الوطن بمفرده وعلى تفكيره وحساباته الخاصة ، ومنذ التحرير وحتى يومنا هذا لم يجري أي لقاء جماهيري مع الشعب وإذا تحدث عبر قناته التلفزيونية فانه لا يتحدث إلا عن دول وشعوب أخرى أما معاناة شعبه الذي يفتقد لا بسط مقومات الحياة فانه ليس لها مكان ، وان ما يحز في النفس هو أن يتحدث عن عالم ليس واقعي في ارتريا وان ينكر كل ما يلاقيه الارتريون من معاناة من اللجوء والتشرد معلقا أسباب ذلك إلى متربصين بالبلاد وأعداء الشعب الذين يدبرون بالليل والنهار ليوقفوا عجلة الحياة والتقدم بالبلاد حسب زعمه ، ويدرك كل أبناء الشعب حتى وان لم يستطيعوا الإفصاح عنها خوفا من بطش النظام وخفافيشه التي لا ترحم
أن النظام لا وجود له في حياتهم وليسوا مؤملين فيه بان يتغير وهم مجمعون إلا حفنة منهم في انتهاء حياة رئيس الحكومة اسياس في قلوب الشعب منذ فترة .
وبحساب الانجازات فان الحكومة القائمة والتي امتدت من المؤقتة إلى شبه دائمة ليس لها أي انجاز ودوما تردد شعارات فضفاضة لا تسمن ولا تغني من جوع وأماني ليست بقادرة على تحقيقها أو لا تملك إمكانية تحقيقه ، فالواقع الارتري وما يتكلم به رئيس النظام ورجالاته ليس هناك أي رابط بينهما – ويتحدث رجالات النظام بتبجح وإدعاء بان الارتريين يعيشون في آمان والكل ملاحق والدولة تمارس عليه الإرهاب بكل صنوفه والوطن وإحساس المواطنة صار يرتكز لدى قلة من النفعيين . هذه الحياة التي تستمر عجلتها ببساطتها والسلم والأمن المجتمعي تعتمد على المدنية والتحضر الذي تميز به الشعب ويعتمد في معاشه على التحويلات الخارجية التي تأتيه من أبنائه وأقربائه ، وإلا فان البطالة وتوقف عجلة الحياة الاقتصادية هي العلامة الفارقة للبلاد .
إن الشعب الارتري والذي ظل يستمع لخداع ممنهج من النظام فقد أدرك تماما بان كل الأفعال التي يقوم بها النظام بداع الدفاع عن السيادة والعداوات التي يخلقها فأنها تهدف فيما تهدف إلى إطالة مدة بقائه بالسلطة كأتباع وتنظيم حيث هم المنتفعون من كل خيرات الوطن التي هي معطلة عن الاستفادة في ظل العجز عن توفير كل مقومات حياة تمنح وتخلق فرص الاستثمار للمواطنين قبل الأجانب ، فالبلاد محرومة من سواعد بنيها وليس هناك بشيء يبعث الاطمئنان في مستقبل مشرق إلا رغبة الشعب الارتري في بناء الدولة وتمسكه بإرثه النضالي وعدم التخلي عن مكتسباته واستعداده للدفاع عن ذلك مهما كلفه من ثمن وهو الضمانة في بقاء ارتريا وللأبد مستقلة وذات سيادة .
مكتب الإعلام
حزب النهضة الارتري للعدالة
Comments