top of page

الحراك الشعبي الإريتري في المهجر… غضب عفوي يواجه تحديات التنظيم

  • tvawna1
  • Oct 14
  • 3 min read
ree

بقلم: إدريس آدم ( دوشكا ) 13/0/10/2025

شهدت الساحة الإريترية في المهجر خلال الأيام الماضية حراكًا شعبيًا واسعًا وغير مسبوق، انطلقت شرارته من العاصمة البريطانية لندن، على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة قندع في إريتريا.

فقد أثارت تلك الأحداث غضبًا عارمًا في الداخل والخارج بعد أن أقدم النظام الحاكم على التعدي على دور العبادة، في انتهاكٍ صارخٍ للأعراف الإنسانية، ومساسٍ مباشرٍ بالحريات الدينية وحرية المعتقد. حراك عفوي دون قيادة مركزية

انطلق هذا الحراك الشعبي بميزة نادرة، إذ جاء عفويًا دون قيادة مركزية أو تنسيق سياسي، ولم يكن موجَّهًا من أي جهة خارجية، بل عبّر عن تراكم الغضب الشعبي والإحباط الطويل من سياسات القمع والتهميش التي ينتهجها النظام منذ عقود.

ree

وقد وجد الحراك تجاوبًا واسعًا بين فئة الشباب الإريتري في المهجر، الذين رأوا فيه فرصة للتعبير عن رفضهم للظلم والاستبداد، واستعادة صوتهم الوطني بعد سنوات من الصمت والانقسام.

إلا أن هذا الحراك – رغم طابعه النقي واستقلاله عن الأطر التنظيمية التقليدية – يواجه تحديات داخلية حقيقية قد تهدد وحدته وتضعف تأثيره، مع ظهور محاولات لاستغلاله من بعض الأطراف لتحقيق أجندات شخصية أو أيديولوجية ضيقة.

التيارات المتنازعة داخل الحراك

يرى مراقبون أن المشهد في الحراك الشعبي الإريتري في الخارج بدأ يشهد استقطابات فكرية وتنظيمية بين تيارات مختلفة، ما قد يؤدي إلى تشتيت الجهود وتحريف مسار الحراك عن أهدافه الأصلية. ويمكن تمييز اتجاهين رئيسيين داخل هذا الحراك:

أولًا: التيار الأيديولوجي ومحاولة تديين الحراك

أحد أبرز التحديات التي برزت مؤخرًا هو سعي بعض الأطراف لتحويل الحراك إلى مشروع أيديولوجي ضيق ذي طابع ديني، يرفض مبدأ التعايش مع الشريك المسيحي في الوطن، ويقدّم خطابًا متشددًا لا يعكس روح الوحدة الوطنية التي يحتاجها الإريتريون في هذه المرحلة.

وقد ظهرت هذه النزعة في تصريحات ومقاطع فيديو على منصات التواصل، خاصة “تيك توك”، من قبل بعض النشطاء مثل عثمان حجاج (ألمانيا) وأسنائي (هولندا)، إلى جانب آخرين كـ الهقدفي بشير عثمان وناشطين يُعرفون باسم المختار والمشير.

ree

ويؤكد محللون أن هذا النهج يضرّ بالقضية الإريترية أكثر مما يخدمها، خصوصًا أن الدول الغربية لا تتعامل بتعاطف مع أي حراك يحمل صبغة دينية متشددة أو يسعى لإقصاء مكونات وطنية أخرى.

فالقضية الإريترية، في جوهرها، قضية حرية وعدالة وإنسانية، وأي محاولة لتغليفها بخطاب عقائدي ستفقدها بعدها الوطني الجامع وتضعف حضورها على الساحة الدولية.

ثانيًا: التيار الوطني الجامع

في المقابل، برز تيار آخر داخل صفوف المتظاهرين يدعو إلى أن يكون الحراك وطنيًا جامعًا، يضم جميع القوى المعارضة للنظام بغض النظر عن الانتماءات الدينية أو العرقية.

ويرى هذا التيار أن الخطوة الأولى نحو التغيير تبدأ من ترتيب البيت الداخلي، وبناء جبهة موحدة تقوم على مبادئ التعايش، والعدالة، والمواطنة المتساوية.

ويؤمن أن وحدة الصف الإريتري هي السلاح الأقوى في مواجهة نظام أسمرة، وأن أي انقسام داخل الحراك يصب مباشرة في مصلحة النظام الذي اعتاد استغلال الخلافات الداخلية لتفكيك معارضيه.

معضلة اللغة والهوية

من المظاهر اللافتة في الحراك، بروز إشكالية اللغة كلُبنةٍ جديدة في جدار الانقسام. فقد أظهرت متابعة النقاشات على منصة “تيك توك” أن نحو 95 % من المحتوى يتم بلغة التقرايت، بينما تكاد اللغة العربية – وهي اللغة التاريخية للمسلمين الإريتريين – أن تكون غائبة تمامًا.

ويطرح هذا الأمر تساؤلات حول هوية الحراك:

إذا كان الحراك يعبر عن المكون المسلم في إريتريا، فلماذا لا يُستخدم اللسان العربي كلغة جامعة؟

فاللغة العربية كانت ولا تزال رمزًا حضاريًا ودينيًا يوحّد المسلمين الإريتريين بمختلف قبائلهم، كما كانت في زمن النضال ضد الاستعمار. بل إن النظام الإريتري نفسه – رغم محاولاته تهميش العربية – لا يزال يعترف بها كلغة وطنية للمكون المسلم.

ree

إن تجاهل العربية في الخطاب الإعلامي للحراك يُعد خطأً استراتيجيًا يُفقده البعد الجامع ويحوّله إلى حراك مناطقي محدود، بدل أن يكون مشروعًا وطنيًا شاملاً.

تصحيح المسار ضرورة وطنية

على الرغم من الزخم الذي حققه الحراك الإريتري في الخارج، إلا أنه بحاجة إلى مراجعة شاملة لمساره وتصحيح اتجاهه بما يضمن شموليته وتمثيله لجميع فئات الشعب الإريتري.

فنجاح هذا الحراك مرهون بقدرته على تجاوز الانقسامات، واعتماد خطاب وطني عقلاني يركز على جوهر القضية: الحرية، والكرامة، والعدالة لكل الإريتريين دون تمييز.

إن ما بدأ كرد فعلٍ على اعتقال الشيخ آدم شعبان يمكن أن يتحول إلى فرصة تاريخية لإعادة بناء الوعي الوطني الإريتري في الخارج، إذا ما تمسّك الجميع بالمشترك الوطني وتخلوا عن الخطابات الأيديولوجية واللغوية الضيقة.

 
 
 

Comments


bottom of page