رغم أن مدته عام ونصف العام يقضي المجندون فترة الخدمة بلا سقف زمني بدعوى أن البلد في
حال حرب مع إثيوبيا
محمود أبو بكر صحافي مختص في شؤون القرن الافريقي
الخميس 22 أغسطس
مارش عسكري لمجندي الخدمة الإجبارية في إريتريا (وزارة الإعلام الإريترية) ملخص
ثمة تقارير دولية تصف حال التجنيد الإجباري في إريتريا بأنه يعد من أعمال السخرة التي تجرمها الاتفاقية 29 لمنظمة العمل الدولية المعتمدة عام 1930. تعد إريتريا من بين الدول الأفريقية التي تعتمد التجنيد الإجباري، الذي يعرف بمشروع "الخدمة الوطنية الإلزامية" منذ بدايات استقلالها، إذ أعلن المرسوم 82/ 1995، الذي ينص على أن "الخدمة في الجيش لمدة 18 شهراً، أمر إلزامي لكل شاب بالغ"، ولا يميز المرسوم بين الذكور والإناث، فالخدمة مفروضة على الجنسين بشكل متساوٍ، وقد بدأت الدفعة الأولى في صيف عام 1995.
على رغم أن السقف الزمني الذي يحدده المرسوم يقتصر على عام ونصف العام، على أن يقضي المجندون نحو ستة أشهر في أداء التدريبات العسكرية، ثم يتم توزيعهم لاحقاً خلال العام بمختلف مشاريع التنمية المدنية والعسكرية التي تحددها الدولة، فإن اندلاع الحرب الحدودية بين إريتريا وإثيوبيا على مثلث بادمي (1998- 2000) قد أسقط المدة الزمنية المحددة قانوناً، مما أدى إلى تمديد فترة الخدمة من دون تحديد سقف زمني معروف لها.
وعلى رغم انتهاء الحرب في ديسمبر (كانون الأول) 2000 وفقاً لاتفاقية الجزائر، فإن حال اللاحرب واللاسلم التي أعقبت عامي القتال وامتدت لعقدين من الزمن، بخاصة في ظل عدم التزام إثيوبيا بقرار المحكمة الدولية القاضي بتسليم مثلث بادمي لإريتريا، واستمرار حال العداء بين النظامين في أسمرة وأديس أبابا، أعطت ذريعة للنظام الإريتري لفرض التجنيد الإجباري من دون وضع أي سقف زمني للمدة، على اعتبار أن البلد في حال حرب في ظل استمرار احتلال إثيوبيا لجزء من الأراضي السيادية الإريترية، على رغم صدور قرار المحكمة الدولية المشكلة وفقاً لـ"اتفاقية الجزائر" عام 2000.
مجندات إريتريات أثناء عرض عسكري في عيد الاستقلال عام 2024 (وزارة الإعلام الإريترية)
ومع نجاح الحراك الشعبي الإثيوبي، الذي أدى إلى إسقاط نظام الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في أديس أبابا وصعود رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لسدة السلطة، وما رافق ذلك من آمال بخاصة بعد قبوله تنفيذ قرار التحكيم الدولي وتوقيعه لاتفاقيتي جدة وأبو ظبي مع أسمرة، إذ استبشر الشباب الإريتريون بعهد جديد ينهي مأساة التجنيد الإجباري المفتوح، فإن تلك الآمال العريضة انتهت مع اندلاع حرب تيغراي التي شاركت فيها وحدات من الجيش الإريتري بجانب الجيش النظامي الإثيوبي ضد قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، إذ تم إعلان حال استنفار داخل الجيش الإريتري الذي يمثل مجندي الخدمة الاجبارية قوته الضاربة وعموده الفقري.
ضرورات التجنيد الإجباري
بدوره، يرى المحلل السياسي الإريتري سليمان حسين، أن ثمة ضرورات وطنية مهمة دفعت الحكومة الإريترية منذ عهد الاستقلال لاعتماد قانون 82 لعام 1995 الخاص بالخدمة الوطنية، ويحدد تلك الضرورات في عدد من النقاط أهمها أن إريتريا دولة صغيرة نالت استقلالها بعد حرب تحرير دامت ثلاثة عقود، وعدد سكانها في وقت الاستقلال لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، علاوة على محدودية الإمكانات الاقتصادية، ما يعني أنها لن تستطيع بناء جيش نظامي بالحجم الذي يلبي حاجاتها الدفاعية بعد الاستقلال، بخاصة أنها تقع في محيط إقليمي يفتقد الاستقرار السياسي. المصدر>>>>>
Comments