عقدت جبهة الإنقاذ الوطني الإرترية مؤتمرها الرابع في الفترة من ٢١- ٢٦ فبراير ٢٠٢٤م تحت شعار "إنقاذ الشعب والوطن هدف مركزي، يتحقق بوحدة القوى الوطنية الإرترية".
استمع المؤتمر في جلسته الافتتاحية إلى كلمات اللجنة التحضيرية، ورؤساء سكرتارية المجلس المركزي، والهيئة التنفيذية، وكلمات تضامنية من رئيس القيادة العليا المشتركة للائتلاف الوطني الديمقراطي الإرتري، ورئيس حزب الوطن الديمقراطي الإرتري. كما تلقى برقيات تضامنية من العديد من القوى السياسية والمدنية المعارضة وشخصيات وطنية. وفي جلساته اللاحقة استمع المؤتمر إلى تقارير أداء الهيئات القيادية. وبعد نقاشات مستفيضة حولها تمت إجازتها.
وانطلاقا من مناقشة الوثائق التنظيمية خلص المؤتمر إلى تعديلات هامة على النظام الأساسي، تتيح المرونة والحيوية للهياكل التنظيمية والمؤسسات القيادية، والآليات الرقابية بما يضمن متابعة فاعلة لأداء المؤسسات التنظيمية المختلفة.
وتناول المؤتمر وضع المعارضة الإرترية والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها، مؤكدًا على ضرورة مواجهة تلك التحديات بمزيد من تضافر الجهود وتسخير الطاقات لتحقيق الهدف المركزي، وهو تغيير النظام الديكتاتوري وخلق بديل ديمقراطي، ينعم في ظله شعبنا بالاستقرار والسلام والعدالة والتنمية. كما أكد المؤتمر على ضرورة دراسة الحراك الشبابي "برقيد نحمدو" ، الذي ينشط في هذه الفترة وذلك بغرض معرفة طبيعة الأهداف والشعارات التي يرفعها. وأكد المؤتمر على أن التواصل مع هذا الحراك الشبابي يجب أن يستند على مدى إيمانه والتزامه بالخط الوطني، ومدى احترامه للمكونات الإجتماعية والدينية والثقافية الإرترية، والتاريخ النضالي للحركة الوطنية الإرترية، وعلى إيمانه بوحدة إرتريا وسيادتها واستقلالها، وأن يضع نصب عينه قوانين البلدان التي ينشط فيها. وأن أية قوى مدنية أو سياسية تمس أو تعادي هذه المبادئ الوطنية لابد من التصدي لها ومواجهتها وتعرية أفكارها أمام الرأي العام الإرتري، لما تشكله من خطورة على مستقبل إرتريا أرضًا وشعبًا.
وحول الأوضاع الداخلية في بلادنا في ظل النظام الديكتاتوري القائم، رأى المؤتمر أن لا جديد يلوح في الأفق، سوى مزيد من القمع والمعاناة، وانتهاك الحقوق الأساسية لشعبنا، وتكريس سياسات إفقار المجتمع، وتضييق الخناق على الحريات الفردية والجماعية، فضلًا عن غياب علاقات طبيعية مع المحيط الإقليمي تسمح لشعبنا بتبادل المصالح مع هذا المحيط. كما أن تدخلات النظام الديكتاتوري في شؤون الدول المجاورة لم يترك مجالًا لعلاقات سياسية صحية بينها وبين إرتريا، والذي انعكس سلبًا بالدرجة الأولى على المصالح الاقتصادية المتبادلة، والتواصل الاجتماعي بين شعوب المنطقة. وبالتالي أصبح شعبنا رهين هذه العلاقات المتوترة مع محيطه الإقليمي، بل أصبحت بعض أنظمة الدول المجاورة تجاهر بأطماعها في إرتريا، وتطعن في سيادة واستقلال إرتريا.
إن استمرار هذه الوضع في بلادنا يضاعف من معاناة شعبنا على مختلف المستويات ويزيد من المخاطر التي تتهدد كيانه. وعليه فإن المعارضة الوطنية الإرترية وقوى الشعب الحية في الداخل والخارج، مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بأن تلعب دورها في عملية التغيير المنشود، وحماية السيادة الوطنية، وهذا لن يتم إلا بتحقيق الوحدة بينها وتسخير كافة جهودها نحو هذه المهام.
وفي هذا السياق، أشاد المؤتمر بما تم بين تنظيمات الائتلاف الذي يتطلع إلى بناء تنظيم واحد، وحمل القيادة الجديدة مسؤولية إتمام عملية الوحدة. وفي الوقت ذاته دعا المؤتمر إلى تفعيل منظومات العمل المشترك بين تنظيمات المعارضة وفي مقدمتها المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي.
وعلى الصعيد الإقليمي وقف المؤتمر على الأزمات التي تمر بها دول القرن الأفريقي، سواء على الصعيد الداخلي أو فيما بينها، فضلًا عن صراع النفوذ بين القوى العظمى على البحر الأحمر، وما يشكله ذلك من تهديد لاستقرار ومصالح دول وشعوب المنطقة.
إن الصراع الداخلي الذي تعيشه إثيوبيا، خصوصا عقب حرب التقراي. واستفحال الصراعات الداخلية ذات الطابع العرقي ينذر بمخاطر جمة على وحدة إثيوبيا، والتي تعاني أصلًا من أزمة تعايش بين مكوناتها العرقية والدينية، نتيجة سطوة وسيطرة عقلية الإخضاع والهيمنة على الشعوب الأخرى التي مارسها أباطرة إثيوبيا عبر التاريخ. ولا تزال بعض النخب الإثيوبية تنطلق من ذات العقلية سواء في علاقاتها الداخلية أو في علاقاتها مع محيطها الإقليمي، ولا سيما مع إرتريا.
ولا شك بأن هذا النهج الإثيوبي ينذر بمخاطر بالغة التعقيد على استقرار الإقليم وفي مقدمتها إثيوبيا نفسها. وانطلاقًا من ذلك حذر المؤتمرالنخب الإثيوبية من مغبة التمادي في محاولات الإلتفاف على استقلال وسيادة إرتريا، ودعاها لتدرك بأن العلاقة الطبيعية بين إرتريا وإثيوبيا لا يمكنها أن تقوم إلا
على أساس احترام سيادة كل بلد، وتغليب المصالح المشتركة بين البلدين والشعبين على قدم المساواة، وانتهاج سياسة عدم تدخل كل طرف في شؤون الطرف الآخر.
وحول الأوضاع التي يمر بها السودان، الذي كان وما يزال واحة آمنة تستظل بها شعوب دول القرن الأفريقي، ومن بينها شعبنا الإرتري، من هجير صراعاتها الداخلية والبينية طوال عقود، بالرغم مما كان يمر به السودان من صراعات داخليه مثل غيره من الدول المجاورة، دعا المؤتمر القوى السياسية والعسكرية والمدنية السودانية إلى الاحتكام إلى صوت العقل، وتبني الحوار كخيار أمثل لحل الخلافات وتجاوز المأزق الذي يمر به السودان الشقيق. وفي الوقت ذاته طالب المؤتمر الأنظمة في المحيط الأفريقي والعربي أن تنأى بنفسها عن التدخلات المضرة في الشأن السوداني الداخلي، وأن تلعب دورًا إيجابيًّا في مساعدة الفرقاء السودانيين على الحوار. وأملنا كبير في حكمة الأشقاء السودانيين على تجاوز هذه المحنة، وعودة السودان واحة لشعبه وجواره كما عهدناه.
وبخصوص الصومال الشقيق أكد المؤتمر على وحدة أرضه، ورفض أي تدخل خارجي من شأنه النيل من استقلاله الوطني وسيادته على كامل ترابه الوطني.
وشدد المؤتمر على خطورة الحرب القائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في غزة من جانب، وبين روسيا وأكرانيا من جانب آخر، على مستقبل العلاقات والمنظومات الدولية والقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الناظمة لها، بالإضافة إلى سياسة الكيل بمكيالين في قضايا متشابهة. فالحقوق والعدالة لا تتجزأ وفق ما جاء في الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية ذات الصلة. وفي هذا السياق دعا المؤتمر المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغوطات على وقف الحرب القائمة في فلسطين، والسعي من أجل إيجاد حل عادل ونهائي للصراع العربي الإسرائيلي.
إن صراع الكبار من أجل مصالحهم على حساب الشعوب المستضعفة بلغت حدًّا لا يطاق، وحان الوقت أن يفكر الكبار في مصالحهم وأطماعهم بعيدًا عن دماء وأشلاء الشعوب الأخرى على امتداد قارات العالم، والتي تم إستغلال إنسانها ومواردها لقرون عديدة.
إن اختلال قيم العدالة والمساواة بين البشرية يعبر بجلاء عن مدى الانحطاط القيمي والأخلاقي الذي بلغته الإنسانية في هذا العصر ، برغم التطور التقني والعلمي الذي نشهده. كما يعبر كل ذلك عن مدى سيادة شريعة الغاب، وهيمنة الأقوياء على حساب الضعفاء، دون وازع من ضمير أو رادع قانوني.
إننا نتطلع إلى عالم بلا حروب يسود فيه التعاون المثمر بين الشعوب، واستغلال موارده البشرية وثرواته الطبيعية بصورة صحيحة، بالإضافة إلى توظيف التطور التقني المذهل الذي حدث في مختلف المجالات بما يعود بالنفع على الإنسانية جمعاء بشكل عادل، وفي خدمة الأجيال القادمة على قدم المساواة ودون أي تمييز .
ووقف المؤتمر مليًّا عند الأوضاع المأساوية المستمرة التي يعيشها اللاجئون الإرتريون في مختلف بقاع العالم وخاصة في دول الجوار، منددًا بما يتعرضون له في إقليم تقراي الإثيوبي، حيث تقوم عصابات تهريب البشر باحتجازهم والمطالبة بفدية مالية باهظة مقابل إطلاق سراحهم. وناشد المؤتمر المنظمات الدولية المعنية لتلتفت إلى معاناة اللاجئين الإرتريين في إثيوبيا والسودان واليمن وليبيا وفي بقية دول المنطقة، وتتحرك لوضع حدٍّ لمعاناتهم المستمرة منذ عقود طويلة.
ودعا المؤتمر الجيش الإرتري التخلي عن النظام الديكتاتوري، والانحياز إلى جانب مطالب الشعب الإرتري وقواه الوطنية المتمثلة في الديمقراطية والعدالة والمساواة.
هذا وقد اتخذ المؤتمر جملة من القرارات والتوصيات التي تدفع في جانب منها نحو العملية الوحدوية بين أطراف الائتلاف الوطني إلى الأمام، وكذلك السير في ذات الاتجاه مع القوى الوطنية الأخرى التي تملك ذات الإرادة والتوجه والبرامج المتماثلة، وتعزيز دور المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي، فضلا عن إصدار قرارات من شأنها تطوير العمل التنظيمي في مختلف المستويات.
وفي ختام أعماله انتخب المؤتمر قيادة جديدة تقود التنظيم في المرحلة المقبلة.
النصر لنضال الشعب الإرتري !!
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار!!
المؤتمر الرابع لجبهة الإنقاذ الوطني الإرترية
26 فبراير 2024
Comments