بقلم الاستاذ / عيسي سيد محمد
(كُلُّ نَفْسٍۢ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ)
وتمضي قامة أخرى من قامات الوطن المكلوم في أبنائه بدول الشتات، فقد ترجل يوم الأربعاء الماضي فارس من فرسان الثورة الإرترية، وأحد الذين كانت لهم بصمتهم الواضحة في المسيرة النضالية للشعب الإرتري الصابر الأبي.
يا منايَا حَوِّمِي حول الحِمَى واستعرضِينا واصْطفِي
كلَّ سمحِ النفس بسَّامِ العشيات الوفي
الحليم العِفِّ كالأنسام روحًا وسَجَايا
أريحي الوجه والكف افترارًا وعطايا
فإذا لاقاك بالباب بشوشا وحفي
بضميرٍ ككتاب الله طاهر
اُنشبي الأظفارَ في أكتافه واختطفي
فقد بلغي النبأ الجلل برحيل الأخ الفاضل والمناضل الجسور منصور سعيد كحساى، ليقع من نفسي موقع تاثير بالغ، حيث كانت تربطني بالراحل مواقف ومحطات كثيرة، فقد عرفته عن قرب منذ سبعينيات القرن الماضى، حيث كانت محطة اللقاء الأول في منطقة ساوا بمكتب جهاز التعليم، حيث جاء لزيارتي فور علمه بانضمامي إلى ركب النضال.
كأن رحمه الله خلوقاً، ودوداً، متديناً منذ نعومة أظفاره، أميناً وصبوراً ومهذباً، طيب المعشر هاشاً باشاً صبوح الوجه لا تفارق الابتسامة وجهه الصبوح.يتعامل معك بلطف وتواضع وبأسلوب متحضر، واسع الأفق خدوماً لرفاقه ولكل من يعرفة. كان دائم الاتصال بي من القاهرة، وكان تواصله يشعرني بنوع خاص من الود والطف، كان هو هو كما عرفته منذ الوهلة الأولى، لم تغيره ظروف الدهر ولا عاديات الزمان.
فقدناه ونحن بأمس الحاجة إلى أمثاله في مجتمعنا الذي لم ينفك ينزف رحيلاً وهجرة لا تعرف سبيلاً للعودة. فقدناه نعم، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله ورسوله، رغم خزن الرحيل " إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ".
تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله واجعل قبره روضه من رياض الجنة، اللهم اغسله بالماء الثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، واجعل مسكنه الفردوس الأعلى. اللهم جازه بالحسنات إحسانا وبالسيات عفوا وغفرانا، والقه برحمتك ورضاك وقه فتنة القير وعذابه. اللهم حل روحه في محل الأبرار وتغمده بالرحمة آناء الليل والنهار برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم انقله من ضيق اللحود والقبور إلى سعة الدور والقصور (فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ، وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ، وَمَاء مَّسْكُوبٍ، وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ، لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ)، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم اجعلنا واياهم من عبادك الذين تباهي بهم ملائكتك في الموقف العظيم وارزقنا حسن النظر إلى وجهك الكريم مع الذين تجرى من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وبحمدك وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين وألهم وألهم آله وذويه وأبنائه وبناته وأحفاده ومحبيه ورفاق دربه وآل كحساي الصبر والسلوان وحسن العذاء ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم.
عيسي سيد محمد
Kommentarer