بقلم الاستاذ / احمد علي برهان
02/02/2024
مثل كنيتك كنت طاهرا ، شفافا ونظيفا. قبل أكثر من عقد من الزمن ، جمعتنا الدنيا مجددا في اسمرا. حينها انت كنت عائدا من نيو يورك بعد أن أكملت مهمتك سفيرا لدولة ارتريا لدي الأمم المتحدة. حينئذ حظيت انا ، بصورة لم يسبق لها مثيل، بالجلوس معك في
مجلسك الخاص لساعات وساعات وايام وليالي استمع الى شرحك المسهب الوافي حول تجربتك الثرية في أروقة الأمم المتحدة ودهاليزها مما زاد إلى معلوماتي الشىء الكثير.
في تلك الأيام اطربت قلبي فرحا عندما بحت لي بالفكرة التي تختمر في ذهنك ألا وهي مشروع إصدار كتاب يسلط الأضواء على جانب من مسيرتك في الثورة، واتذكر حينها الجدل الذي دار بيننا حول العنوان الذي يفترض أن يحمله الكتاب : " ذكريات....." أم " رحلة...." إلى أن استقر رأيك وقرارك على اسم" رحلة في الذاكرة" . وسرعان ما بدأ قلمك المتمرس في غرق الصفحات البيضاء بسيل جارف من الأحداث والذكريات والمواقف. ...وبينما كنت ألاحظ السلاسة والسرعة التي كنت تكتب بها كم هائل من معلومات وأحداث وأماكن واسماء دون أن تستعين باي مرجع ، كنت أتعجب من قوة ذاكرتك وتدفقها، وكنت معجبا على صديقك وموضوعيك في سرد ما عشته وشاهدت في مسيرتك.
لقد كنت ولا زلت ، يا أبا طاهر ، مفتخرا ومعتزا بتلك الثقة الغالية التى منحتني إياها، عندما اخترت شخصي فقط كي اطلع وأبدي ملاحظاتي وتعليقاتي حول باكورة كتبك. سطر بعد سطر وصفحة بعد صفحة . ولا تنسى كيف تعلمت بل واستمتعت من تلك المهمة التي اوليتني إياها. .. لقد تعلمت منك يا صديقي كيف يكون الانسان كبيرا من خلال حبه للعلم والمعرفة، ومن خلال وعيه وسعة افقه، وصدقه وموضوعيته. لقد رايتك دائمآ صديقا مخلصا للقلم والكتاب ، حتى انك كنت تنسى الاعتناء بنفسك بإخذ الراحة أو تناول الطعام في سبيل استكمال القراءة أو الكتابة، ولم اجدك يوما الا والكتاب في إبطك.
انت ، يا ابوطاهر ، كنت عملاقا بوطنيتك وبفكرك المتقد، كنت فارسا بقلمك الرصين المبدع وبصراحتك ورأيك الثاقب. كنت معلما في التواضع ونكران الذات. لذا مهما غاب جسدك النحيل المنهك، ستظل روحك وفكرك الشفاف ومواقفك الشعلة التي تنير درب من بقى بعدك لأجيال وأجيال . وداعا يا صديقي الغالي، حتما سوف نمضى قدما في شعاب تلك الرحلة الرائعة التي بدأتها، وإلى اللقاء.
العزاء موصول لرفيقتي الأخت آمنة نائب والى الأبناء سيرا وزهرة.
احمد علي برهان
Comments