أسمرة
مارس 11 2025
ويسلط تقرير لم يسمه موقع "إريتريا فوكاس" الضوء على التداعيات الإقليمية للخطوة المحتملة التي من شأنها أن تضع الرياض في مكانة اللاعب الرئيسي في المنطقة، وتتحدى هيمنة قوى أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا والصين.

تشير تقارير إلى أن المملكة العربية السعودية تخطط لاستثمار مليارات الدولارات في ميناء عصب الإريتري، وهو ما قد يشكل تحولاً استراتيجياً عميقاً في منطقة القرن الأفريقي. وفي تقرير نشرته اليوم مؤسسة إريتريا فوكس، وهي مؤسسة بحثية مقرها لندن تضم باحثين يركزون على انتهاكات حقوق الإنسان في إريتريا، استنادا إلى مصادر غير محددة، أوضحت العواقب الإقليمية للخطوة المحتملة التي من شأنها أن تضع الرياض كلاعب رئيسي في المنطقة، وتتحدى هيمنة القوى الأخرى مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا والصين. ويرى المؤلفان أن الاستثمار في ميناء عصب من شأنه أيضا أن يقوض الطموحات البحرية لإثيوبيا، وهي دولة ظلت غير ساحلية منذ استقلال إريتريا (1993)، والتي تشن حملة سياسية قوية بشأن هذه القضية. أما بالنسبة لإريتريا، من ناحية أخرى، فإن التحالف مع المملكة العربية السعودية قد يكون بمثابة استراتيجية وقائية ضد الطموحات العسكرية الإثيوبية، مما يضمن بقاء سيادتها على عصب دون منازع.
إن الشراكة المحتملة بين الرياض وأسمرة لن تعمل على تعزيز موقف إريتريا فحسب، بل قد تؤدي أيضاً إلى تغيير ديناميكيات القوة الإقليمية، مما قد يؤدي إلى تحييد نفوذ إثيوبيا على نقاط الوصول إلى البحر الأحمر. ويرى مؤلفو التقرير أن الاستثمار السعودي المحتمل في ميناء عصب يعني أكثر من مجرد التنمية الاقتصادية: إذ من شأن هذه الفائدة أن تسلط الضوء على إعادة تنظيم العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإريتريا لحماية مصالحهما على طول أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم. ومن شأن هذا التعاون أن يوفر لإريتريا الدعم الذي تحتاجه لمقاومة الضغوط الإثيوبية وتعزيز النفوذ السعودي في الإطار الجيوسياسي الأفريقي. ومن الممكن بالتالي أن تؤدي هذه الخطوة إلى ردود فعل من جانب لاعبين إقليميين آخرين، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وتركيا والصين، والتي لديها جميعها مصالح قوية في الممرات البحرية في المنطقة. وقد تعهدت كل من هذه الجهات الفاعلة بتوسيع نفوذها في المنطقة من خلال الاستثمارات في البنية التحتية والمشاركة الدبلوماسية، وقد يدفع التركيز الجديد للرياض على عصب الجهات الفاعلة الفردية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها استجابة للتحالفات الجديدة.
بالنسبة لأرض الصومال - المنطقة الصومالية المنشقة التي لا تحبها مقديشو - فإن التطورات حول عصب قد تكون لها آثار مختلطة. ومن ناحية أخرى، قد يؤدي تعزيز قوة ميناء عصب إلى تحويل بعض الاهتمام والموارد عن ميناء بربرة الإقليمي، الذي استثمرت فيه الإمارات العربية المتحدة. ومن ناحية أخرى، قد تؤدي التوترات الجيوسياسية وتعزيز ميناء عصب إلى تفاقم الحاجة إلى المزيد من الموانئ الحليفة على طول البحر الأحمر، مما قد يؤدي إلى زيادة الأمن العام والنشاط الاقتصادي في المنطقة. وقد تكون مذكرة التفاهم الموقعة بين أرض الصومال وإثيوبيا، والتي تنص على الاعتراف المتبادل والتعاون الاقتصادي، موضع اختبار أيضا. إن العزلة المحتملة لإثيوبيا في ساحة البحر الأحمر قد تؤدي في الواقع إلى إعادة تقييم سياستها الخارجية، وخاصة فيما يتصل باتفاقياتها مع أرض الصومال. ومع تحول البحر الأحمر إلى مساحة جيوسياسية متنازع عليها بشكل متزايد، فإذا تأكد ذلك، فإن تصرفات المملكة العربية السعودية - إلى جانب ردود أفعال القوى الإقليمية والعالمية الأخرى - من شأنها بلا شك أن تشكل المشهد السياسي المستقبلي لهذه المنطقة الحرجة.
المصدر >>>>>>
Comments