ميناء عصب الإريتري هدف جديد.. وتصريحات مسؤول تبرز مخططها الخميس ١٩ أكتوبر ٢٠٢٣
تسعى إثيوبيا منذ نحو ثلاثة عقود للوصول إلى جميع الموانئ البحرية في منطقة القرن الإفريقي؛ ضمن إطار استراتيجية رئيسية يتبناها رئيس الوزراء آبي أحمد في مشروعه الإقليمي الذي يهدف لضمان التقدم الاقتصادي لبلاده، عن طريق التخلص من فكرة كونها دولة حبيسة جغرافيًا؛ لذلك يسعى لامتلاك حصص في الموانئ البحرية بالمنطقة.
وكان لاستقلال إريتريا عام 1993م أثر كبير في السياسة الإثيوبية ونقطة تحول استراتيجية كبرى في خططها الإقليمية؛ ومن ثم لجأت للبحث عن بدائل متنوعة من الموانئ البحرية في دول الجوار للتعويض عن منفذها البحري الذي فقدته مع استقلال إريتريا عنها، وذلك للاعتماد عليها في الوصول إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي كي تضمن استمرار عبور التجارة منها وإليها؛ وبناء عليه تبنت فكرة دبلوماسية الموانئ البحرية كجزء من مشروعها الإقليمي الرامي إلى توحيد منطقة القرن الإفريقي باعتباره كتلة اقتصادية كبرى ومؤثرة.
وهذا ما دفع آبي أحمد للمسارعة في توقيع سلسلة من الاتفاقات مع بعض دول الجوار الجغرافي مثل الإقليم الانفصالي في الصومال "صومالي لاند" وجيبوتي والصومال وكينيا والسودان بخصوص استخدام موانيها البحرية؛ لتسهيل التجارة الإثيوبية؛ ما عزز فكرة إعادة تأسيس القوة البحرية الإثيوبية في عقل آبي أحمد، التي حُلت تمامًا خلال منتصف التسعينيات من القرن الماضي بعد استقلال إريتريا عنها، ومن ثم أعلن في عام 2019م إعادة بناة القوة البحرية الإثيوبية بمساعدة فرنسية.
وزادت مخاوف إثيوبيا خلال الفترة الماضية من إخفاقها في تأمين أكثر من بديل للتواصل مع العالم الخارجي من خلال طرق الملاحة البحرية، لا سيما بعدما أطلق مقاتلو قوات دفاع تيجراي تهديداتهم أثناء حربهم الأخيرة مع نظام آبي أحمد- بقطع الطريق الأساسي الموجود في إقليم عفر، الواصل بين أديس أبابا وميناء جيبوتي؛ ما جعل الحكومة الإثيوبية تنتبه لأهمية استمرار مساعيها لإيجاد بدائل استراتيجية لها.
وكان لتصريحات وزير التعليم الإثيوبي برهانو نيغا منذ أيام قلائل بخصوص إمكانية تغيير بلاده خريطتها الجغرافية، و "أنها تدرس كل الخيارات من أجل الحصول على منفذ بحري"، كنوع من ضرورات الأمن البحري- وقع إعلامي كبير في إثيوبيا وإريتريا على حد سواء، حيث صارت تلك التصريحات مادة دسمة لوسائل إعلام المعارضة الإريترية والإثيوبية بخصوص خطة رئيس الوزراء في الحصول على منفذ بحري آمن على البحر الأحمر على حساب إريتريا عبر ميناء عصب.
في هذا الصدد، قال السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الإفريقية، وممثل الجامعة العربية الأسبق بالسودان، ونائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، إن إثيوبيا لم تعد في حاجة ماسة لمثل هذا الميناء؛ لأنها استطاعت خلال السنوات القليلة الماضية إيجاد أربعة منافذ بحرية أحدها عن طريق الصومال إلى المحيط الهادي، والآخر عبر صومالي لاند، ومنفذ ثالث من خلال جيبوتي وخط السكك الحديدية الذي أنشأته الصين بينهما ويتم من خلاله مرور 80% من البضائع الإثيوبية، ورابع عن طريق كينيا في ميناء لامو.
وأضاف حليمة في تصريح خاص لـ "الفتح" أن إثيوبيا وإريتريا يوجد بينهما توافق الآن حول إمكانية أن يكون المنفذ البحري السادس لأديس أبابا في هذا الإطار أيضًا، وهو ميناء عصب الإريتري. لافتًا إلى أنه بخصوص تصريحات وزير الدفاع السابق الجنرال صادقان جبرتنسائي في عام 2020م، وكذلك وزير التعليم الإثيوبي الحالي برهانو نيغا، فإن هذا الأمر موجود بالفعل من خلال اتفاق قائم بين الدولتين.
وأردف أن إثيوبيا كانت تسعى لأن يكون لها منفذ جديد عن طريق بورتسودان في السودان، لكن الصراع الموجود داخل السودان وتطورات الأمور هناك حالت دون الوصول إلى حيز التنفيذ؛ وبناء عليه فإن الحديث عن حصول أديس أبابا على ميناء عصب سواء بالقوة أو الاتفاقيات يتم في ضوء النزاعات والمقاربات السياسية بين المعارضة والحكومة في كلا الدولتين؛ وبالتالي فإثيوبيا لن تلجأ للقوة كي تحصل على ميناء عصب الإريتري.
وأكد أن الوضع الإثيوبي الحالي لا يسمح بأن تخوض أديس أبابا حربًا مع دولة مستقلة ذات سيادة مثل إريتريا، علاوة على أن الحدود المتفق عليها صارت حدودًا دولية معتمدة ومتفق عليها، سواء إذا كان في الاتحاد الإفريقي أو هيئة الأمم المتحدة، إضافة إلى أن العلاقات بين الدولتين تسير بسلاسة ويسر ولا توجد مشكلات بينهما إلا ما يتعلق فقط بمشكلة إقليم تيجراي واتحاد القبائل الإريترية في الأماكن التي لا تزال موجودة فيها في إطار الاتفاق الذي تم في جنوب إفريقيا.
أما سلمون محاري، الباحث في الشأن الإثيوبي، فيرى أن استقلال إريتريا بحدودها الحالية، كان له قبول وتأييد عند نظام الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي التي كانت تحكم إثيوبيا، وبدا ذلك واضحًا من خلال تقديم مذكرة للأمين العام للأمم المتحدة بدعم الاستفتاء، والاعتراف بنتائجه؛ وبالتالي الاعتراف بالاستقلال، مؤكدًا أن عدم معارضة النظام الإثيوبي لهذا الاستفتاء حول الاستقلال حينذاك كان بشرط المعاملة المميزة التي ستحصل عليها أديس أبابا فيما يخص خدمات الموانئ.
وأضاف محاري أن هناك العديد من المعاهدات الموقعة بين البلدين حينها، وأن النزاع الحدودي بين البلدين في أوائل عام 1998 عصف بها؛ وحرم ذلك إثيوبيا الاستفادة من الموانئ الإريترية. لافتًا إلى أن مطالبة بعض القوى السياسية الإثيوبية بمنافذ بحرية لها مبرراتها الاستراتيجية والاقتصادية، لكن ذلك لا يعني الاستيلاء على أي منفذ بحري إريتري بالقوة. المصدر >>>>
תגובות